مدونة سعد لقليب / محمد


مدخل لحقوق الملكية الصناعية .

الدكتور : سعد لقليب / محمد | dr. saad louglaib / mohamed


04/06/2020 القراءات: 5309  


الملكية الفكرية أو الذهنية تعد الثمرة التي تنتجها القريحة الإنسانية والعقل البشري . ولقد ازداد الاهتمام بحمايتها مع ازدياد الادراك لأهميتها في صنع التنمية والتقدم من خلال تحويل المعلومة الى ابتكار والابتكار الى سلعة يتم انتاجها وتطويرها ، الامر الذي تزداد معه اهميتها الاقتصادية . ومن ثم اصبحت المعلومة ملكية والملكية حق والحق في حاجة لحماية قانونية يجب توفيرها لصاحبها .
ولقد تباينت الآراء والرؤى في هذا الصدد بين القول بتأثيرات ايجابية والقول المضاد بان التأثيرات ستكون سلبية ويحاول كل راي ان يستند في تنظيره الى بعض الدراسات والتجارب الميدانية .
1-نبذة عن تطور حماية حقوق الملكية الفكرية.
تتمتع حقوق الملكية الفكرية بالحماية منذ امد بعيد وان كان على مراحل حسب ظهور هذه الحقوق وحسب تزايد الوزن النسبي للدور الذي تلعبه في الاقتصاد .
ومن اهم الحقوق التي حصلت على هذه الحماية هي الملكية الصناعية ، الملكية الأدبية والعلاقات التجارية ولقد بدأ هذا معا لعالم الألماني يوهان قوتنبارغYohann Gutenberg الذي اخترع الطباعة بالحروف وطبق ذلك على الصحافة المطبوعة في منتصف القرن الخامس عشر .
ومع حلول القرن السادس عشر أصبحت الطباعة عملا تجاريا والكلمة المطبوعة سلعة تباع وتشترى .
ومن هنا نشا التفكير في منحها مزايا وحقوق استئثارية ، وصاحب ذلك نشوء ما يعرف بحق التأليف .
ويعود حق التأليف في شكله الحديث الى القانون الانجليزي في 1709 وهو ما كان يعرف بقانون الملكة آن ANNE . كما أن اليونان وروما القديمة أيضا كانوا يعتبرون انتحال أعمال الغير من الأعمال الشائنة وغير الشريفة التي يدان فاعلها .
وبالنسبة لبراءات الاختراع نجد انها نشأت على اساس منح الحماية لشخص معين قام باختراع او ادخال تحسين على منتج ما ، اذ كانت حكومة الملكة اليزابيت الاولى في انجلترا قد طورت في القرن الرابع عشر نظاما لمنح مزايا الملكية لحماية مستوردي التكنولوجيا واعادة غرسها في انجلترا .
ثم جاءت جمهورية فينسيا لتضع لائحة تنظيمية لمثل هذه الامتيازات في الربع الاخير من القرن الخامس عشر .
ثم صدر قانون الابتكارات في انجلترا في 1628 محددا مدة البراءة بـ 14 سنة ومثلت صناعة النسيج اولى الصناعات التي شهدت تطورا كبيرا وخاصة في مجال الاختراعات والابتكارات .
وبدا عدد البراءات في تزايد مستمر مع انتشار النمو في الصناعة الى خارج حدود انجلترا الى بقية دول القارة الاوربية وخارجها في الولايات المتحدة .
والنوع الثالث من الملكية الذي شهد حماية مبكرة نسبيا هي العلامات التجارية ، إذ حرص اصحاب الثروات من ماشية واصحاب الحرف واصحاب الصناعات التي ظهرت قبل وبعد الثورة الصناعية على تمييز منتجاتهم بعلامة معينة لكي لا تختلط بغيرها .
وكان يحدث هذا في العصر الاقطاعي حيث تمت ممارسة تقليد وتزييف هذه العلامات ، الى ان جاء عهد الثورة الصناعية حينها عرفت العلامات التجارية على النحو الذي نعرفها عليه الآن – وتولى القضاء الانجليزي – في ظل القانون العرفي – توفير الحماية للعلامات وانزال العقوبات بالمعتدين عليها ، ثم اصدرت فرنسا قانونا لذلك في 1857 (منتصف 19) ، ثم فعلت المانيا الشيء نفسه بعد ذلك .
ومن هنا كانت اتفاقية باريس 1883 لحماية الملكية الصناعية والتي شهدت بدورها العديد من المراجعات والتعديلات في التنقيح والتي كان ابرزها ما تم في 1967 ، والتي نعرفها الآن باتفاقية باريس تعديل 1967 ، كما ظهرت الحاجة لاتفاقية " برن " لحماية الملكية الادبية والفنية والتي تعد الاساس لكل التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤلف اللاحقة لها بعد ذلك .
2-تعريف الملكية الفكرية.
الملكية الفكرية حسب ما عرفها المركز المصري للملكية الفكرية وتكنولوجيا المعلومات هي :" كل ما ينتجه ويبدعه العقل والذهن الانساني ، فهي الافكار التي تتحول أو تتجسد في اشكال ملموسة يمكن حمايتها وتتمثل في الابداعات الفكرية والعقلية ، والابتكارات مثل الاختراعات والعلامات والرسوم والنماذج وتصميمات الدوائر المتكاملة ، ويهدف نظام حماية حقوق الملكية الفكرية الى تنمية البحث وتطويره وتقديم معلومات لأجل تقدم المعرفة ، وذلك بتقديم حوافز للاستثمار في العملية الابداعية وتشجيع الوصول الى الابتكارات " .
3-تقسيمات الملكية الفكرية.
إن تكريس حقوق الملكية الفكرية إلى قسمين أساسين هما : حقوق ملكية صناعية من جهة وحقوق ملكية أدبية من جهة ثانية كان الخيار الأفضل لدى الفقهاء لدراسة ظاهرة التنوع التي تمتاز بها هذه الطائفة من الحقوق .
ولعل مبررات هذا التقسيم تتمثل في :
3-1-المبررات المنهجية .
يتجه بعض الفقهاء إلى تبرير تقسيم حقوق الملكية الفكرية إلى وجود مبررات منهجية تتطلب ذلك حيث إن دراسة هذه الحقوق تقتضي تقسيمها إلى فرعين :
فرع أول يتناول حقوق الملكية الصناعية ، وفرع ثان ويتطرق إلى حقوق الملكية الأدبية والفنية .
فبشان الفرع الصناعي فانه يتكون من حقوق لها صلة بالنشاط الصناعي كبراءة الاختراع والعلامات والرسوم والنماذج الصناعية وتسميات المنشأ وحتى الأصناف النباتية الجديدة ، والتصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة .
وتتميز هذه الحقوق في مجموعها بتطبيقاتها الصناعية على خلاف الحقوق الادبية والفنية التي تفتقد إلى هاته التطبيقات مما يدفعنا الى تصنيفها ضمن قسم آخر مستقل بذاته ونقصد به حقوق الملكية الأدبية والفنية .
3-2-المبررات التقنية .
يذهب تيار آخر من الفقه الى تبرير تقسيم حقوق الملكية الفكرية الى قسم صناعي وآخر أدبي إلى وجود متطلبات تقنية تفرض مثل هذا التقسيم . حيث إن الطبيعة التقنية لكل حق تفرض علينا الفصل بينهما .
وفي هذا الإطار تتميز حقوق الملكية الصناعية بأنها ذات تطبيق صناعي في الأساس وتؤخذ الصناعة في هذا الشأن بمفهومها الواسع اي كل ما يتصل بالنشاط الاقتصادي بوجه عام ، بينما تنحصر حقوق الملكية الأدبية والفنية في مختلف الأشكال التعبيرية التي تتميز بالإبداع والأصالة .


البراءات ، العلامات التجارية ، حقوق الملكية الصناعية ، حقوق الملكية الادبية والفنية .


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


مقال مكتنز بالفوائد