مروان جوابرة


المناهج النقدية - النسقية المعاصرة "الألسنية وقراءة الصورة": المنهج البنيوي

مروان أحمد جوابرة | Marwan Ahmad Jawabreh


16/12/2023 القراءات: 361  


تأثرت مناهج الأدب بشكل كبير بالتطور الإنساني المستمر، وازدادت أهمية العمل الأدبي في هذا السياق بما في ذلك ظهور المنهج البنيوي، ولفهم تعريف المدرسة البنيوية بشكل صحيح، يجب النظر أولاً إلى مفهومها اللغوي، حيث يتأصل مصطلح "البنيوية" في الجذر اللغوي "بنى" الذي يعني "البناء".
حيث يقول أحد الكتاب المعاصرين، الدكتور زياد إبراهيم في مشكلة البنية: "إن البنيوية هي سيدة العمل والفلسفة رقم واحد. بلا منازع، ابتداءً من سنة 1966 حتى اليوم"، غير أن البنيوية قد سادت العلم قبل ذلك بكثير، ففي سنة 1955 ظهر كتاب "الآفاق الحزينة" للعالم الأنثروبولوجي ليثي ستروس، واعتبره الباحثون بداية لظهور البنيوية على مسرح الفكر.
مفهـوم البنيوية:
"البنائية" هي من "البناء" أو "البنية". و"بنية" الشيء في اللغة العربية "تكوينه"، وهي تعني أيضًا "الكيفية" التي شيد على نحوها هذا البناء. في حين التحدث عن البناء الاجتماعي أو بناء الشخصية أو البناء اللغوي، فإنا نشير بذلك إلى وجود نسق عام، أهم ما يتصف به هو عنصر النظام. فالبناء هو صورة منظمة لمجموعة من العناصر المتماسكة، فإن التعريف للبناء أو النية "Structure" يقوم علة اعتباره مجموعة من العلاقات الثابتة بين عناصر متغيرة يمكن أن ينشأ على منوالها عدد لا حصر له من النماذج. (1) حيث جاء في المعجم الوسيط: البنية ما بنى وهيئة البناء ومنه بنية الكلمات أي صيغتها وفلان صحيح البنية، وبنية الكلمة هيئة البناء وعاش المجتمع العربي أمدا طويلا ثابتا في بنيته الاجتماعية ونظمه الاقتصادية صحيح البنية. (2)
استخدمت "البنيوية" كظاهرة سوسيولوجية وشيوعها الواسع السريع بوصفها "حركة" في فرنسا وخارجها، ومجموعة المبادئ الفلسفية التي لا تتصف بالإثارة أبدًا، والتي تتشكل البنيوية منها على الصعيد النفسي. حيث تكرر القول إن البنيوية ليست مذهبًا بل هي منهج: إذ لا يمكن للمرء أن يصبح بنيويًا بالطريقة التي كان يمكن له أن يصبح بها وجوديًا – فليس ثمة نوادِ ليلية بنيوية على الجانب الأيسر من النهر، وليس ثمة ملابس بنيوية ترتدى أو أسلوب حياة يتبع، لأن البنيوية ما هي إلا منهج بحث، طريقة معينة يتناول بها الباحث المعطيات التي تنتمي لحقل معين من حقول المعرفة بحيث تخضع هذه المعطيات إلى المعايير العقلية كما يقول البنيويون. (3)

أما بحسب "بوناب" يمكن تعريف البنية على أنها نسق يتم تنظيمه بواسطة علاقات وقوانين خاصة، تعتمد هذه البنية على مبدأ الكلية والشمولية، حيث تُعتبر وحدات تنظيمية داخل النسق، بالإضافة إلى ذلك، تعتمد على مبدأ المحايثة، والذي يعني دراسة النص بمفرده وداخل سياقه الخاص دون النظر إلى العوامل الخارجية. وإذا تغير أحد العناصر المكونة للبنية، فإن ذلك يؤدي إلى تغيير النسق بأكمله، فكل عنصر من هذه العناصر يمكن تفكيكه إلى وحدات بنيوية صغرى، وهذه الوحدات الصغرى تعتمد بنيتها على العلاقة بين الدال والمدلول أو بين المتلفظ والملفوظ. (1)
ووفقًا لجان بياجيه، فقد حدد ثلاث مكونات رئيسية في تعريفه للبنية وهي: (2)
- الشمولية: حيث تشير الشمولية إلى تكامل العناصر داخل البنية والالتزام بقوانين تميز المجموعة ككل، وتمنحها خصائصها العامة.
- التحولات أو التحول: تشير إلى القدرة على تغيير البنية بمرور الوقت.
- الضبط الذاتي أو الانتظام الذاتي: حيث تعكس هذه المكونة القدرة على تنظيم البنية بشكل متوازن ومنتظم.
البنيوية " النشأة والتطور":
يُعرف أن البنيوية نشأت في فرنسا خلال منتصف الستينيات من القرن العشرين، عندما قام "تودوروف" بترجمة أعمال الشكليين الروس إلى اللغة الفرنسية، وهكذا أصبحت إحدى المصادر الرئيسية للبنيوية. وفيما يتعلق بالمدرسة الشكلية، فقد ظهرت في روسيا في الفترة بين عامي 1915 و1930. وقد دعت هذه المدرسة إلى التركيز على العلاقات الداخلية في النص الأدبي، واعتبرت الأدب نظامًا ذو وسائط إشارية للواقع بدلاً من أن تكون مجرد انعكاس للواقع. وبالإضافة إلى ذلك، استبعدت العلاقة بين الأدب والأفكار والفلسفة والمجتمع. (3)
لم تظهر البنيوية فجأة في باريس، وما حدث هناك هو أن هذه الوسيلة المعرفية العادية تحولت بقدرة قادر إلى شعار اتخذه بعض الناس ووجدوه أمرًا مثيرًا، فخلقوا منه "موضة" فكرية شاعت شيوعًا تجاوز حدود المعقول، مما جعل تحول البنيوية إلى "البنيوية" سيئة السمعة مصدر انزعاج لمفكر من طراز ليفي شتراوس، البنيوي الخالص الذي اعتقد بوضوح أن سمعته الأكاديمية ستنحط لو أنه نصب رغمًا عنه زعيمًا لبدعة فكرة جديدة. لقد وجد بعض الناس في البنيوية كشفًا أصيلاً يمكنه أن يعيد توجيه الطرق المتبعة في البحث في حقول الدراسة، بينما يجد آخرون في "البنيوية" كلمة تجذب النظر تنفع للتلويح بها أمام الخصوم أو لاستخدامها شارةً للانتماء إلى مجموعة الراسخين في العالم. (4)


المنهج البنيوي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع