قراءة في كتاب:إنتاجُ المستشرقين و أثره في الفكر الإسلامي الحديث لصاحبه العلامة مالك بن نبي،ج1
01/05/2021 القراءات: 2907
عالج الكثير من الباحثين و المؤرخين ظاهرة الاستشراق، و كتبوا عنها العديد من المؤلفات و الأبحاث و الدراسات، و لعل أبرز مثال على ذلك هو انعقاد مؤتمر "الإسلام و المستشرقون" بمجمع الهند الإسلامي الكبير في مدينة أعظم كره ما بين 21 و 23 فبراير 1982 الموافق لـــ 26 و 28 ربيع الآخر 1402 ه، و هذا تحت إشراف رئيس المجمع العلامة الإمام أبي حسن علي الحسني الندوي– رحمة الله عليه- ، أين تعرض فيه المتدخلين إلى أعمال المستشرقين و منهجهم في البحث و العرض.
و يعتبر العلامة و المفكر الجزائري مالك بن نبي– رحمة الله عليه- من طينة هؤلاء العلماء الذين اهتموا بتتبع ظاهرة الاستشراق و أساليبه، و هذا رغم أنه لم يفرض للموضوع سوى بحث قصير حول إنتاجهم و أثره في الفكر الإسلامي الحديث، و مع ذلك فإن كتاباته كلها لا تخلوا من الاهتمام بهذه الظاهرة.
و كتابنا الذي بين أيدينا اليوم:"إنتاجُ المستشرقين و أثره في الفكر الإسلامي الحديث" يركزك فيه الباحث على علة من العلل التي أصابت الفكر الإسلامي الحديث ألا وهي المديح الذي ينفثه المستشرقين ،من خلال كتاباتهم، على الحضارة الإسلامية فيحقوننا بمخدر العيش في أحلام و أمجاد الماضي. و بهذا فإن مفكرنا يتحدث في هذه الدراسة عن أثر المستشرقين المادحين الذين كان لهم الأثر الملموس لأننا لم نجد في نفوسنا أي استعداد لرد فعل باعتبار عدم وجود المبررات للدفاع عن الهوية الثقافية.
يطرح مفكرنا في هذا الكتاب جملة من التساؤلات، و التي منها:هل كان لمديح المستشرقين للحضارة الإسلامية أثره المحمود أم المذموم؟ و يجيبنا من خلال تحليل سلسل و عميق أن هؤلاء- المادحون- قد أمدوا جيله خاصة بالوسيلة لمواجهة مركب النقص الذي اعترى الضمير الإسلامي أمام ظاهرة الحضارة الغربية.و مع ذلك الأثر المحمود الذي ساهم في تطور أفكارنا و ثقافتنا، صاحبه أثر سلبي يسميه مفكرنا 'الأثر المرضي'.
و هنا تبرز ساحة "الصراع الفكري" في العالم الإسلامي، الذي يسير وفق قاعدة عامة مفادها: عندما يطرح مسلم أو بعض المسلمين مشكلة ما تهم مجتمعهم، فإن هذه المشكلة تكون قد طرحت أو ستطرح عاجلا في أوساط المتخصصين في هذه الدراسات لحساب و تحت إشراف الاستعمار.و من المهم أن نؤكد هنا أن قياس وجهة مجتمع ما، تكون بمنحى اتجاه أفكاره، فإما تكون متجهة إلى الأمام= المستقبل، أو إلى الخلف = الماضي= التقهقر.
و هكذا يتصرف أهل الاختصاص في الصراع الفكري عندما تعرض فكرة عمل و أمل على الجماهير الإسلامية، كيف يستطيعون لفت الأنظار و الأبصار عنها بعرض أفكار أخرى و يا ليتها كانت أفكارا، أفكار تدعو للأحلام السعيدة كأنها مخدر يخدر العقول و الأرواح و الأبصار، ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾(سوة الحج، الآية 46)
نستنتج من هذا أنه: كلما طرحت مشكلة و عرض لها حلا من الحلول فإن قادة الصراع الفكري يأتون على الفور بما يلفت عنها الأبصار أو ما يزيفها تزييفا.و من هنا كانت معظم الحلول التي تعرض على العالم الإسلامي مثل: البعثية، البربرية، الإفريقية، الشيوعية...الخ عبارة عن وسائل إلهاء و لفت الانتباه عن أم و جوهر المشكلات الحقيقة التي تواجهنا، و هي مشكلة الحضارة.
يتبع الموضوع بجزء ثاني ....تحيات الدكتور/جبران لعرج الجزائري.
إنتاجُ المستشرقين؛ الفكر الإسلامي الحديث؛ مالك بن نبي؛صناعة الأفكار؛الفراغ الإيديولوجي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة