مدونة احمد طلال خضر الطائي


ومضات في الجغرافية الحديثة 2

احمد طلال خضر الطائي | AHMED TALAL KHUDTHER


06/06/2021 القراءات: 1804  


ومضات في الجغرافية
الومضة الثانية :
يُخطئ من يَعتقد أن الجُغرافية عبارة عن حفظ أسماء الدول وأعلامها وأسماء الأنهار والجبال والصحاري والهضاب أو الخلجان أو الجزر أو البحيرات أو المدن وما إلى ذلك من الظواهر الطبيعية أو البشرية ، وهذه المعلومات تُعد ليست ذات قيمة ما لم يُعرف مالها من أَثر في حياة الإنسان وما فيها من قيمة إقتصادية أو سياسية .
إذ تعمل الجُغرافية بمفهومها العلمي المُعاصر على بناء فاعلية دورها النفعي وإظهار قيم التأثير المكاني للظواهر من خلال الاعتماد على الأسس العلمية وصولاً إلى بناء هيكلية تعتمد على الظاهرة في المكان وطبيعة علاقاتها لرسم صورة مُستقبل ذلك المكان على وفق الطرائق التي تدفع الجُغرافية إلى مصاف العلوم المتقدمة .
ومُنذ أن وجد الإنسان على سطح الأرض أخذ يتحسس الأماكن المختلفة التي يلاحظها في أفقه البصري لأغراضٍ قد تكون بسيطة في بداية الأمر ثم ازداد ذلك التحسس بعد التطور العلمي للإنسان و تطور ملاحظاته للظواهر التي وجدت على سطح الأرض وتطورت كذلك أغراضه أو أهدافه من الفضول المعرفي إلى العلم الضروري الذي قد يُساعده في تلبية حاجاته، ومسرح كل ذلك هو سطح الأرض (المكان)، وكان مما ابتكره لفائدة نفسه وتحسين الملاحظة الجُغرافية المكانية تحديد اتجاهات تُساعده في التعامل مع الأماكن المختلفة، فكانت بذلك الاتجاهات النسبية وهي الأمام والخلف واليمين واليسار والإتجاهات الجُغرافية النسبية وهي ما يُعرف بشمال الشيء وجنوبه وشرقه وغربه، وبعد ذلك الاتجاهات الجُغرافية المطلقة المعروفة بالاتجاهات السماوية الأصلية وهي أربعة الشمال والجنوب والشرق والغرب .
إن للجُغرافيا ارتباط أساسي بالتباين الإقليمي، فإذا انعدم التباين الإقليمي إختفت الجُغرافيا. فلا توجد جُغرافيا إذا لم تتنوع الظاهرات مكانياً، ولا تاريخ إذا لم تتغير الحوادث البشرية من يومٍ إلى آخر. ومن ثم فإن دراسة الظاهرات المتنوعة على سطح الأرض في ظل أطرها المختلفة أو أقاليمها إنما هو دراسة للتباينات الإقليمية .
وقد تغيّرت الطريقة القديمة في دراسة الجُغرافية وأصبحت تبحث اليوم في دراسة حياة الإنسان وأثره في بيئته والأثر المتبادل بينهما . وكذلك دراسة الأسباب التي ساعدت في وجود الظواهر الجُغرافية في أماكنها وظهور الأنماط المكانية للظواهر الطبيعية والبشرية . إذ تبدأ الجُغرافية الحديثة في دراستها من السبب إلى النتيجة ، فهي في سعي دائم إلى اكتشاف لماذا وكيف تؤثر العوامل والمتغيرات المحيطة بالإنسان على الحياة الإنسانية وبالعكس ، أي كيف يؤثر الإنسان على المتغيرات الطبيعية المحيطة به.
وقد كان الإنسان في بداية إنتشاره على سطح الأرض مضطراً للإستكشاف لتحقيق هدف واحد هو البقاء والمحافظة على حياته ، وقد كان اضطراره لتحقيق هذا الهدف هو الذي دفعه على الإنتشار الواسع على سطح الأرض .
والله أعلى وأعلم وما التوفيق إلا من عند الله سبحانه وتعالى، وصلى الله على خاتم الرسل والأنبياء نبي الرحمة مُحمَّد (صلى الله عليه وسلم) .
الدكتور أحـمد الطائي
في 6– 6– 2021


علم الجُغرافيا - الجُغرافية الحديثة - المنهج الجُغرافي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع