مدونة دكتور/ معتز احمد رفاعي زارع


مقالات منهجية في الخلاف الفقهي (2)

دكتور/ معتز احمد رفاعي زارع | Moataz Ahmed Rfaye Zarea


22/07/2023 القراءات: 658  


مقالات منهجية في الخلاف الفقهي (2)

بقلم
دكتور/ معتز أحمد رفاعي زارع
الباحث في الدراسات الإسلامية
المتخصص في (علوم السيرة النبوية) و (الخلاف الفقهي)
dmoataaze@gmail.com



(5) المقالة الخامسة
إن من أكبر الأخطاء الشائعة عند باحثي علم الخلاف الفقهي بل والشريعة بعمومها إسرافهم في النقل من موسوعة (المغنى), واعتمادهم على إجماعات المتأخرين في المسائل القديمة، وهذا الأخير لم أر في دنيا البحث الفقهي مثل هذا الصنيع بشاعة.
حيث تُعد موسوعة المُغني لابن قدامة هي أكبر موسوعة فقهية مقارنة سُطرت في عهد المتأخرين قد جمعت بين دفتيّها أكثر المُخالفات الصريحة لمعتمدات المذاهب حتى وصل الأمر لمخالفة معتمد مذهب مُصنِّفها عند من يعده مذهبًا فقهيًا.
وأعجب كل العجب لجُل المؤسسات العلمية والأكاديمية في اِعتمادها الكُلي عليها بل وصَرف الباحثين إليها في مراحل الدراسات العليا.

(6) المقالة السادسة
إن الخلط بين المدارس والمذاهب والمسالك والاتجاهات في كل علم من العلوم يُعد من آفات البحث العلمي في زماننا، ولعل غياب فقه الموارد والمناهج عن ساحات الأكاديميات العلمية لهو السبب الرئيس في مثل هذا، فالحديث هنا يخصُ أصحاب التخصص بعيدًا عن جو المتطفلة على موائد العلم من التيارات الإسلامية المعروفة فهؤلاء في غياب تام عن هذه الأمور الواعرة علميًا، لكني أتكلم عن جمع من أساتذة الجامعات الذين لا يفرقون بين المدرسة والاتجاه والمسلك مما يضطرهم الأمر إلى الخلط والتخبط.
فهناك واحة فقهية حديثية كُبرى تُعرف بمذهب (أهل الأثر أو أهل الحديث) هذه الواحة تستطيع أن تُدخل بها ما يُعرف بكل من:-
١- مسلك سفيان.
٢- مسلك أحمد.
٣- اتجاه البخاري.
٣- اتجاه داود.
٤- منهج أهل الظاهر.
----------------------- لِمَاذا ---------------------
لأن جميع ما ذكرت إنما هي من باب:
(الاتجاهات الفقهية) أو (المناهج الفقهية) أو (المسالك الفقهية).
أما المذاهب الفقهية الخالصة التي تُبني على الأدوات الفقهية الخالصة، والتي لها أصولها الخاصة، وفروعها، ومواردها الأصلية والثانوية، وتفصيلاتها الدقيقة وشروحاتها ، ، ، ، فهذا أمرٌ مُختلفٌ تمامًا .......
هذا, وتكاد تتفق كتب الخلاف الفقهي المتقدمة على أن رأي أحمد بن حنبل الفقهي لا يُعد رأيا، ومنهم من جعل آراء الثوري هو رابع المذاهب على الحقيقة ثم اختفى أثره، وهذا بطبيعة الحال لا يُقلل من شأن إمام الدنيا في الحديث بل من باب وضع الفقهاء الخُلص في أماكنهم.
ويُعد كل من المروزي وابن هبيرة -ومن على شاكلتهم في الكتابة الفقهية- من المصنفين في الخلاف الفقهي على المذهبية الحديثية، ومعنى هذا أن الاعتبار المنهجي الفقهي الخالص لا يعتمدهما من حيث الإقرار المنهجي.

(7) المقالة السابعة
عندما نبحث عن أسباب التعددية الطارئة والملازمة أحيانًا في الأقوال الواردة في المذهب الواحد في المسألة الواحدة نجد أن جميعها ليست على وتيرة واحدة من حيث الاستدلال، والاستنباط، وأوجه المناط، وقوة البيان ...الخ
ثم عندما نضع هذه الأقوال تحت مجهر التفاضل يتضح لنا أن المعول عليه في التفاضل بينها مجموعة من الأمور أهمها وأعلاها (معتمد المذهب) حتى وإن خالف هذا المعتمد قول إمام المذهب نفسه شريطة جريانه على قاعدة إمام المذهب وأصله التكويني ونسقه الاجتهادي.

(8) المقالة الثامنة
أيها الباحث النحرير (في الخلاف الفقهي)، إن قال لك أحدهم قد نقل الإجماع الإمام النووي، أو الإمام ابن قدامة المقدسي، أو العلامة ابن تيمية، أو تلميذه ابن القيم؛ فسلهُ هذه الأسئلة:-
س١_ هل المسألة التي نقلها هؤلاء الأكابر من المسائل المُقررة قديمًا أم هي من النوازل في عصرهم؟
س٢_ من هم المنوط بهم الإجماع المنقول على لسان هؤلاء الأكابر؛ هل هو إجماع الصحابة؟ أم إجماع التابعين؟ أم إجماعهما؟ أم إجماع المذاهب؟ أم إجماعهم جميعًا؟
س٣_ ما المراد بالإجماع في هذه المسألة؟ وما ماهيته؟
س٤_ هل نقل هؤلاء الأكابر الإجماع من كتب أصحاب الصنعة من الأئمة المتقدمين أم من محض استقرائهم؟
س٥_ هل تمت المقابلة والمقارنة بين ما نقله هؤلاء الأكابر مع ما سطره أصحاب الصنعة من المتقدمين في مصنفاته؟
س٦_ وأخيرًا؛ لماذا لم تنقل من أصحاب الصنعة في الخلاف الفقهي والإجماع من الأئمة المتقدمين -إن كانت المسألة من المسائل المقررة قديمًا- ؟

(9) المقالة التاسعة
كُل مذهب من المذاهب الفقهية كتبها فردٌ، أو نُقلت عن فردٍ إلا مذهب الحنفية كُتب بواسطة مؤسسة فقهية عامرة مكونة من أربعين فقيهًا يحضرون مجلس المؤسِّس ويتدارسون المسألة ويحررونها حتى يصلوا إلى حُكمها النهائي، وكل واحد منهم بلغ درجة الإمامة ومن بين هؤلاء ثلاثة حُقَّ لكل واحد من الثلاثة أن يكون له مذهبٌ خاصٌ به.
لذا؛ فإني لا أعلمُ مذهبًا أكثر اِتساعًا وشموليةً، وتطورًا، ومواكبةً، ومراجعةً، وتحقيقًا، وتدقيقًا، وتنميقًا، وتحريرًا، وتصنيفًا، ومع هذا كله تلاميذ مؤسِّسه أئمة اجتهاد ونظر ومذهب واستقلال؛ كمذهب الحنفية الأفذاذ. ومما أنعم الله عليَّ به أنني عندما تمذهبت في أزهرنا العامر تمذهبت بالمذهب الحنفي وهذا شرفٌ لا يُضاهيه شرف.

بقلم
دكتور/ معتز أحمد رفاعي زارع
الباحث في الدراسات الإسلامية
المتخصص في (علوم السيرة النبوية) و (الخلاف الفقهي)
dmoataaze@gmail.com


مقالات في الخلاف الفقهي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع