مدونة محمد تقي بن رحيم الدين


قائمة بعض الإضافات العلمية في بحث (فقه العرف)

محمد تقي بن رحيم الدين | Mohammad Taqi


12/03/2022 القراءات: 2080  



لا يخفى أن قيمة أي بحث تكمن فيما قدمه من فائدة جديدة، تعتبر إضافة صالحة إلى الموجود من سابق.. استنباطا كان أو نقدا، إبانة لمشكل أو تعبيرا جديدا عن قضية، استدراكا أو تكميلا، أو .. أو .. وقد تحدث أهل العلم - كابن خلدون في مقدمته الشهيرة - عن أغراض التأليف، التي لا ينبغي التصدي للتأليف لمن يفقدها.

وأذكر هنا باختصار بعض الإضافات العلمية الهامة المتواضعة التي رامها بحثي حول العرف والعادة، والذي سوّدته قبل ثلاث سنوات بمشورة من مشايخي حفظهم الله، ومنهم الشيخ العلامة محمد تقي العثماني حفظه الله ورعاه.
 
وهذه الإضافات -التي تذكر هنا- غالبا عبارة عن تنقيح لبعض القضايا أو الخلافات، أو تصحيحٌ لنقل توارد على الإخلال به جماعة من المصنفين، أو دراسة نقدية لبعض المقالات، أو ربط الأمور بأصولها أو أشباهها من غير المظان، أو إضاءة بحثٍ لم يحرَّر في الدراسات السابقة... فهذه ما عدا الإضافات الفنية المحضة -في التعبير أو الترتيب أو الانتقاء مثلا- التي لا تُذكر هنا.
 
١ - التكامل في عرض حقيقة العرف وأصله وتكييف مراتبه وأنواعه، فإن الحكم الصحيح على الشيء يتوقف على التصور الشامل الدقيق له، والعرف في هذا السياق وقع مجزَّأ الصورة غالبًا في المؤلفات السابقة، وربما كان التصور الناقص أو التكييف الخاطئ أو غير المحرر هو المسؤول عما صدر من أحكام ناقصة أو أخطأ تعبيرية في الموضوع، ولذلك عنيت الدراسة خصوصا بهذا الجانب، وأثرت الموضوع بعدة بحوث جديدة حول أصالة العرف بين الفعل الإنساني، وكون نشأة العرف بمراتبه على أسس الحاجة والضرورة، وقد وظّفنا هناك مباحث رائقة للإمام ولي الله الدهلوي رحمه الله لصالح قضية العرف وتجلية مكانتها العامة.
 
٢- تنقيحات حول مسألة حجية العرف ومدى اعتباره، وهذه المسألة وإن كانت معلومة مقرَّرة، إلا أنه وقع فيها إيهامات وأخطاء تعبيرية كثيرة، وقد تناولت الدراسة الموضوع بتفصيل وراعتها من جميع جوانبها وأطرافها، وأزالت الشبه وانتقدت الأخطاء.
 
٣- تنقيح الاستدلال على اعتبار العرف، فهناك جملة من الأدلة النصية استدل بها المصنّفون لاعتبار العرف -ولحجيته حسب تعبير المعاصرين-، تعرَّض البحث لتلك المستدلَّات واختبرت مدى صلاحيتها كأدلة على العرف، فإن من تلك الاستدلالات ما هو غلط بالمرة، ومنها ما ليس في موضعها من حيث نوعية المستدل له أو عمومه وخصوصه وإطلاقه وتقييده... تعرض البحث لذلك كله وأتى بدراسة نقدية لكثير من الأقوال غير المحررة وإحالات مغلوط فيها في هذا الصدد، ونقّح الموضوع أيضا على أساس التمييز الواضح بين أنواع العرف وأحواله ومراتبه المختلفة، مع تكييف كل نوع وحال ومرتبة بدقة ووضوح، وفي ذلك إتمام وتنقيح للبحث وصياغة جديدة له.
 
٤- تقسيم مبتكر لأنواع العرف يتسم بالشمول والدقة، وذلك بتقسيمه أولا إلى تقريريّ وتفسيريّ ومَناطيّ، ثم تقسيم هذه الثلاثة إلى أفرع عديدة، وبالتالي تنقيح مجالات أثر العرف المختلفة، للقضاء على ما وقع في هذا الباب من خلط وإيهام في كتب الأصول والكتب المؤلفة في الموضوع، فإن للعرف أنواعا ليست مختلفة الحكم فقط، بل مختلفة الحقيقة والحيثيَّة، والخلط بينها في البحث أو إصدار الأحكام العامة عليها مما لا يقبل علميا، ولذلك ركَّز البحث عناية خاصة على هذا الجانب.
وعلى سبيل المثال، تقسيم العرف إلى متوارثٍ من خير القرون وحادثٍ بعدها: تقسيمٌ أساسي، لكن الدراسات السابقة لم تعطه اهتماما ذا بال، ومن هنا وقع التعميم في الاستدلال وبيان الحجِّية وبيان الأحكام وغير ذلك.
وكذلك التفرقة بين أثر العرف في مجال تقرير الأحكام وتحديد مراتبها وبين أثره في مجال التطبيق المحض: ضرورية لا بد منها، ولكن البحوث التأصيلية لم تول هذا الجانب أيضا حقه من التنقيح، ومن هنا وقع الخلط عند ابن عابدين رحمه الله في مواضع عديدة من نشر العرف، وقبله عند بعض المتأخرين من أصحابنا الفقهاء والأصوليين... ولهذا ركَّز البحث عناية تامة على تنقيح هذا الجانب من تأصيل العرف.
 
٥- دراسة نقدية لما توارد عليه الأصوليون الشافعية -وآخرون من غيرهم- من أن العادة الفعلية مخصِّصة للنصوص مطلقا عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله، مع بيان خلط بعض الأصوليين هنا بين العرف العملي في مجال تقرير الأحكام وفي الإطلاق = المخاطبات والكلام.
 
٦- إضاءات مهمة حول مسألة تعارف الحقيقة والمجاز كليهما وتنقيح طبيعة الخلاف بين الإمام والصاحبين رحمهم الله فيها.
 
٧- تنبيهات وتنقيحات بالغة الأهمية حول مناطات عموم العرف وخصوصه وضابط أثرهما في أحكام العرف، مع دراسة نقدية للأقوال في هذا الموضوع في ضوء الواقع الفقهي.
 
٨- تحقيق حول طبيعة اختلاف المشايخ في اعتبار العرف الخاص وفي حد العرف العام، ومدى اطراده وأصالته، وذلك في ضوء الأدلة والنصوص الفقهية.
 
٩- صياغة جديدة لبحث أثر العرف في التخصيص والتقييد في ضوء التقسيم المذكور.
 
١٠- تنقيح حول ما قيل في حكم معارضة العرف للقياس ودلالة النص وفضله عليهما.
 
١١- اعتبار التوارث مدركا مستقلا من مدارك العرف.
 
١٢- بحث جديد حول قرائن ابتناء النص على العرف -كون النص منوطا بالعرف لا على ظاهره-، عقود هذه المسألة وإن كانت منثورة في ثنايا الأبحاث الفقهية ولكن لم أجدها منظومة مؤصلة.
 
١٣- تنقيح مهم لمذهب المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين، وأن ما يؤثر عنهم من الاحتجاج بالعقل لا يجعلهم مخالفين لأهل السنة في قضية حجية العرف.
 
هذا وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين.


العرف، العادة، الفقه، بحث فقهي، نشر العرف، العثماني


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع