مدونة د . ميلاس عبدالصمد


الإقتصاد الجزائري ما بين الريع البترولي و الانتقال الطاقوي

ميلاس عبدالصمد | MILLES ABDESSMAD


09/08/2020 القراءات: 2118  



مما لا شك فيه وحتى الان يبقى الاقتصــاد الجزائــري مبني أساســا على الريع البترولي بنسبة 95 بالمئة ، نحن نتفق ان هذا الاقتصاد غير مثقل بعبء الديون الخارجية وهو امر ايجابي الا ان الاستيراد المُكثف للمواد الاولية يأخذ حصة الاسد و يُثقل كاهل الميزان التجاري للدولة ،هذه التبعية للريع جعلت البلاد أمام خطر حقيقي بسبب التذبذب الكبير في أسعار النفط والتي تراجعت بشكل حاد خلال السنوات القليلة الماضية، فضلًا عن زيادة معدلات الاستكشاف والإنتاج في مناطق متفرقة من العالم خاصة في مجال الغاز الطبيعي، هذا من جهة و انكماش الاقتصاد بسبب الحراك الشعبي الذي دام قرابة العام و ازاح النظام السابق من جهة اخرى ، اظف الى ذلك الأزمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد التي اطبقت على سوق النفط بشكل كبير وجعلته يأخذ الاتجاه التنازلي في تحديد اسعاره .
للاسف الحكومات المتعاقبة لم تتمكن على مدار ستة عقود من استقلالها من التبعية للريع و مداخيله واستمرت جميع المشاريع الحكومية والسياسات الاجتماعية قائمة على قطاع النفط بشكل شبه كلي ،كل هذه المؤشرات تُنذر بتراجع الاقتصاد اولاً اذا ما بقينا نعتمد على الطاقات الناضبة الاحفورية و عن التلوث البيئي ثانيا اذا بقينا نعتمد على النفط في انتاج الكهرباء .
الانتقال الطاقوي في الجزائر 2011-2030
ان الخوف من فقدان القدرات التصديرية وتنامي الطلب المحلي على البترول ، ادى الى فتح النقاش في السنوت الأخيرة حول ضرورة تفعيل خيار "الانتقال الطاقوي"، و الذي يرمي الى البحث عن مصادر طبيعية للطاقات المتجددة التي تستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة والمعايير الدولية الجديدة والمتغيرات المناخية .
للعلم أقرَّت الجزائر، في عام 2011، الـ"برنامج الوطني للطاقات المتجددة والفاعلية الطاقوية 2011-2030"، ويهدف إلى توسيع استخدام الطاقات المتجددة في توليد الكهرباء للتقليل من الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر مهيمن في توليد الطاقة الكهربائية.
وتعني عملية "الانتقال الطاقوي" الانتقال من نموذج وطني لإنتاج واستهلاك الطاقة إلى نموذج آخر، وفقًا لرؤية شاملة، ويمكننا تلخيص الأهداف الرئيسة لعملية الانتقال الطاقوي في الآتي:
• تنويع موارد الاقتصاد الكلي.
• الحفاظ على موارد الطاقة الأحفورية.
• تنويع مصار الطاقة وتقليل الارتباط بموارد الطاقة الأحفورية من النفط والغاز.
• حماية البيئة والمساهمة في الجهود الدولية للتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2.
يستهدف برنامج الطاقات المتجددة تحقيق نسبة مزيج من الطاقة في إنتاج الكهرباء تكون فيه مساهمة الطاقات المتجددة في حدود 27%؛ ما يعني أنه بحلول عام 2030 يكون نحو 40% من إجمالي إنتاج الكهرباء المخصصة للاستهلاك المحلي متأتية من الطاقات المتجددة (الشكل المرفق)، أي تأسيس قدرة تعادل 22 ألف ميغاواط يتم تصدير نحو عشرة آلاف ميغاواط منها، ويوجَّه الباقي إلى الاستهلاك المحلي.
اصبح الانتقال الطاقوي أمرًا الزاميا ، بسبب المتغيرات الداخلية و الخارجية التي تُمليها علينا الظروف و المتعلقة بتراجع الاحتياطي الوطني من النفط والغاز بسبب جائحة كورونا وزيادة الطلب المحلي على الطاقة، فضلًا عن المتغيرات الخارجية لاسيما التحول العالمي باتجاه الطاقات المتجددة الذي اصبح يضغط على أي حكومة في ظل الجزائر الجديدة و يرغم الوزارة الجديدة التي اوكلت لها مهام الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة للاستجابة لهذه المتغيرات وايجاد نمـوذج صناعـي جديـد يحتـرم البيئـة وأكثـر تنافسـية، قــادر علــى خلــق المزيــد مــن فــرص العمــل ويســاهم فــي التنميــة المحليــة ، ويُمهد لتحقيق الانتقال الطاقــوي الجاد مع تنميــة القطاعــات الخضــراء .
المراجع
إصدار وزارة الطاقة، برنامج تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية 2015-2030، الجزائر، يناير/كانون الثاني 2016، ص 12
Intended Nationally Determined Contribution INDC-Algeria ( September 3rd, 2015, Algeria), p. 6


الانتقال الطاقوي ، الطاقات المتجددة ، الطاقات الاحفورية ، الاقتصاد الاخضر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع