مدونة بلال بوجراف


مساهمة الأنثروبولوجيا التطبيقية في التنمية بالوطن العربي

بلال بوجراف | Boudjouraf bilel


11/10/2020 القراءات: 2024  


مقدمــــــــــة : تعددت فروع الانثروبولوجيا كغيرها من العلوم ، وذلك لمواكبة ماتشهده الحياة الانسانية من تخصص ، في محاولة جادة لفهم الانسان بشموليته وعلى تنوعه ومنذ ظهوره على سطح الارض ، فبرزت في حقل الأنثروبولوجيا عدة تخصصات حديثة كالأنثروبولوجيا الطبية ، والانثروبولوجيا النفسية ، وأنثروبولوجيا الجســـد ، وغيرها مـــن الفروع ، ومنها الأنثروبولوجيا التطبيقية التي جاءت كاستجابة ضرورية لتؤدي الوظيفة الاجتماعية للعلم، وذلك بغض النظر عن توظيف بعض القوى الاستعمارية لها لتسيير وإدارة المستعمرات في مرحلة تاريخية معينة ، فذلك ينسحب على جل العلوم كما وظفت على سبيل المثال لا الحصر العلوم الفيزيائية في صناعة أسلحة أبادت مدن بأكملها ووظف علم النفس في شن الحروب النفسية ضد الشعوب ، والتكنولوجيا في التجسس ...، وتختص الدراسات التي أطلق عليها اسم العلوم التطبيقية بتطبيقات تقوم على أساس من التسليم بالمبادئ ، وأحسن الامثلة المعروفة لهذه الدراسات هي الهندسة التي تطبق مبادئ الفيزياء، والطب الذي يطبق مبادئ الفيزيولوجيا ، وكذلك في مجال الانثروبولوجيا يهتم هذا الفرع – الانثروبولوجيا التطبيقية – بتطبيق المعرفة الأنثروبولوجية في واقع المجتمعات الانسانية ، وقد حاولنا في هذا العرض المتواضع التعريف بالانثروبولوجيا التطبيقية وكذلك الوقوف على أهم المحطات التاريخية لهذا الفرع ، فأي دور يمكن أن تقدمه الانثروبولوجيا التطبيقية في مجال التنمية والاستشراف بالوطن العربي ؟ مفهوم الانثروبولوجيا التطبيقية : هي فرع من الأنثروبولوجيا يقوم على تطبيق المعلومات الانثروبولوجية في الشؤون العامة للمجتمعات ، ويتم هذا التطبيق من قبل شخص متخصص في الأنثروبولوجيا بصورة مباشرة أو من خلال الرؤساء أو الهيئات الحاكمة في تلك الجماعات والشعوب ، ويشمل التطبيق السيطرة على التغير الاجتماعي ،أو تقديم النصح لتحسين الأحوال الاجتماعية ، أو المشاركة في الإدارة . وجاء في القاموس الشامل لمصطلحات العلوم الاجتماعية :" هي تطبيق نظريات الانثروبولوجية لحل المشكلات الواقعية "، وعلم اﻹنسان التطبيقي هو ذلك الحقل المنهجي الذي يسعى إلى استثمار ماتوصل إليه علماء الأنثروبولوجيا والباحثون في هذا الفضاء العلمي عبر التاريخ ،من أجل تحليل وتفسير مختلف الظواهر الإنسانية ، أو التنبؤ بما ستؤول إليه المجتمعات البشرية . ومن التعاريف السابقة يتضح أن فرع الأننثروبولوجيا التطبيقية متعلق بتوظيف المعرفة الانثروبولوجية حول مجتمع ما، لتحقيق هدف واقعي محدد ، سواء كان حل لمشكلة أو لشؤون ادارية أو لاحداث تغيير اجتماعي في اتجاه معين أو لوضع مخططات تنموية . دور الانثروبولوجيا التطبيقية في التنمية الاجتماعية والاستشراف : إن الانثروبولوجيا التطبيقية علم مستقل له تطبيقته الميدانية الواسعة في مجال بحث المشكلات الاجتماعية واستشرافها ، فإن هناك من الأهداف الايجابية ، مايمكن أن يتحقق من وراء ذلك ، فان هذا الاعتقاد يرجع أساسا الى أن هؤلاء الذين يرتبطون بهذا العلم يرون في نطاقه شيء من القيمة الحقيقية لفهم وقيادة الشعوب الانسانية . والانثروبولوجيا التطبيقية مثلها مثل العلوم الاخرى لها تطبيقتها العلمية ، فكما تستغل أعمال الفلكي في تطوير الملاحة ، وأعمال عالم الفيزياء في الهندسة والكيمياء في الصيدلة والطب ، فكذلك تفيد أعمال الانثروبولوجي في تطوير المجتمعات المتخلفة ، وهناك معبر لا بد من تشيده بين التخلف و التحضر ، ومن الطبيعي كما يقول ريموند فيرث أن يقع هذا العبء على الانثروبولوجي الذي يمكن أن يلعب دوره في هذه الهندسة البشرية ، وفوق ذلك فان العلم الذي يكون موضوعه معرفة عادات المواطنيين وعقائدهم لابد من الاستعانة به في معالجة أمور المواطنين أنفسهم . لذلك أصبحت هناك حاجة ماسة في الوقت الحاضر الى الاستعانة بالمستشارين المتخصصين في علم الانثروبولوجيا للبحث في مشكلات اجتماعية عويصة تهدد استقرار البناء الاجتماعي ومايحويه من نظم مختلفة ، وقد تطرق كل من علم الاجتماع والانثروبولوجيا في بحث مشكلات اجتماعية متعددة في مجال الانحراف الاجتماعي والجريمة والفقر وغيرها من المجالات التي تدخل في اطار مايمكن تسميته بالوظيفة الاجتماعية للعلم . ويمكن للدول العربية أن تستغل هذا الفرع في تنمية مجالات عديدة أهمها : التربية والتعليم ، التحضر والسكان ،التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، خاصة تنمية المجتمعات المحلية ، المجالات الطبية والصحة العامة والصحة النفسية ،الاعلام والاتصال ،التأليف الروائي والمسرحي ،المتاحف ، الفنون ، بالاضافة الى المجالات الصناعية وشؤون الادارة والسياسة وغيرها . وتبرز قيمة الانثروبولوجيا التطبيقية للعب دور مهم في مشاريع التنمية الاجتماعية وبحوث الاستشراف لما يتميز به المنهج الانثروبولوجي من خصوصية عن مناهج العلوم الاجتماعية الاخرى ، فطريقة الملاحظة بالمشاركة مثلا جديرة بأن تعطينا معرفة واقعية ونوعية تمكننا من الانطلاق من معطيات على قدر كبير من العلمية والواقعية .


أنثروبولوجيا تطبيقية ، تنمية ، المعرفة الأنثروبولوجية ، الوطن العربي .


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع