مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


من الذى ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


30/11/2022 القراءات: 487  


✍️النصيحة على مراتب أولا أن لا يبادر الانسان إلى تصديق ما يقال له عن قريب أو صديق أو جار أو زميل أو أحد من الناس بل يتثبت في ذلك حتى يستيقن لأن أكثر الناس في وقتنا اعتادوا إشاعة السوء وأكثر الناس إلى الإساءة يسرعون ، ويندر منهم من يحسن الظن ، فلا تصدق فورا بكل ما سمعته . حتى تسمعه ممن حضره وشاهده وتتأكد من ثبوته وبراءته وخلوه من الهوى والأغراض .
وإذا رأيت أمرا أو بلغك عن صديقك كلام يحتمل وجهين فاحمله محملا حسنا ، قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف وكان أجود الناس في زمانه ما رأيت قوما ألأم من إخوانك قال لها ولم ذلك قالت أراهم إذ أيسرت لزموك وإذا أعسرت تركوك فقال لها هذا والله من كرم أخلاقهم يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم .
فانظر كيف حمل فعلهم على هذا المحمل الحسن ، وثانيا أن يكون على بالك مستحضرا أن الناس ليسوا معصومين بل لهم هفوات وأخطاء وتصور ذلك في نفسك لتعذرهم ولقد أحسن القائل: من الذى ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

آخر: أردت لكيما لا ترى لى عثرة ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل

آخر: ومن الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معائبه

آخر: إن كنت تطلب في الزمان مهذبا فني الزمان و أنت في الطلبات

خذ صفو أخلاق الصديق وأعطه صفوا ودع أخلاقه الكدرات
ثالثا : أن تنظر إلى الأمر من وجهة نظرك ومن وجهة نظر صاحبه أيضا ، فقد يكون مجتهدا فيما أعتقده من رأي متحريا للخير فيما سلكه من سبيل ، فلا تسارع إلي الانكار عليه وتخطئته ما دام من المحتمل أن يكون له وجه من الحق فإن تأكدت من الخطأ والانحراف فتقدم بالنصيحة سرا بينك وبينه ، لا عند ملأ من الناس كما يفعله بعض الناس ، فإنه أحرى لقبول النصيحة ، رابعا : لا يترتب على النصيحة ما هو شر منها . وعندما يهمل الصديق صديقه ويهمل الأخ حق أخيه عليه في النصح والارشاد تسوء علائق بعضهم مع بعض وتنقلب الصداقة عداوة ويصبح أمر المجتمع فوضى يموج بالشر و الاثم .
ولقد أخبرنا الله في القرآن الكريم أن بني اسرائيل استحقوا اللعنة والحرمان والتشريد لأنهم كانوا لا يتناصحون ، قال تعالى ﴿ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ﴾
وليس أدل علي رقي الأمة واستقامة ضمائرها من تمسكها بخلق التناصح فيما بينها والتواصي بالحق ، قال تعالى ﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ﴾ .
روي عن الشافعي رحمه الله أنه قال لو لم ينزل غير هذه السورة لكفت الناس .
وكان الرجلان من أصحاب النبي  إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر .
قلت : وذلك أن الأوامر والنواهي كلها تدور على التواصي بالحق والتواصي بالصبر ، فالتواصي بالحق مثل الايصاء بتوحيد الله والإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
والإيصاء بالصلاة والزكاة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى اليتيم والمسكين والجار وابن السبيل ونحو ذلك .

والتواصي بالابتعاد عن ما نهى الله عنه ورسوله من المعاصي كلها الصغائر والكبائر .
والتواصي الصبر على الطاعات حتى الممات ، والتواصي بالصبر على المصائب ، والتواصي بالصبر عن المعاصي .
ولكن يا للأسف صار التواصي عند هذا الجيل فيما يتعلق بالدنيا وحطامها فتجد الواحد يحث صديقه على التعلق بها وعمارتها وكل ما يشغله ويلهيه عن الآخرة من مشاركة وسلفة ونحو ذلك .
وإذا انتقص بشيء مما يتعلق بها أقام الناس وأقعدهم حتى المنتسبين إلى طلب العلم .
فتجد الواحد منهم إذا خصم عليه بعض الدرجات أو بعض الفلوس انفعل وتغير مزاجه وصار يتكلم بكلام غير متزن .
عكس أمور الآخرة فإنه لا يهتم لها ، فتفوته تكبيرة الإحرام مع الإمام بل تفوته الصلاة مع الجماعة ولا يبالى بنقص خمس وعشرين درجة .
وتجد الواحد منهم يوصي زميله بالدراسة لأجل الحصول على شهادة في زعمه أنها تأمين للحياة من الفقر .
وهذا يدل على ضعف التوكل على الله .
وأما الصلاة وسائر الطاعات وترك المعاصي التي بها بإذن الله تأمين الحياة الأبدية والسلامة من جهنم لمن وفقه الله فلا تجده يوصيه بها ، ولا يهتم منها .
حتى الآباء دخل عليهم النقص فتجد الأب والأم يحرصون على إيقاظ أولادهم للاختبار يترددون عليهم ولو شق ذلك عليهم .
أما لصلاة الفجر وسائر الصلوات وسائر الطاعات والإبتعاد عن الملاهي والمنكرات فلا .


من الذى ما ساء قط ومن له الحسنى فقط


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع