مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻فتح خيبر

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


16/03/2023 القراءات: 387  


سلسلة السيرة النبوية

🔻فتح خيبر

لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة، وأمن منه أمنا باتا بعد الهدنة أراد أن يحاسب الجناحين الباقيين- اليهود وقبائل نجد- حتى يتم الأمن والسلام، ويسود الهدوء في المنطقة، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه.

ولما كانت خيبر هي وكر الدس والتامر، ومركز إثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا. فأهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الإتصالات بالمنافقين وبغطفان وأعراب البادية وكانوا هم أنفسهم يهيئون للقتال

وكانت خيبر مستعمرة يهودية تضم قلاعا حصينة وقاعدة حربية لليهود وقد تجمع فيها كثير من يهود قينقاع وبني النضير الذين أجلاهم الرسول صلى الله عليه و سلم عن ديارهم ولذلك كانت خيبر تعتبر آخر معقل من معاقل اليهود فى جزيرة العرب ، وقد كانوا يضمرون الحقد والكراهية للاسلام والمسلمين وارادوا أن يتزعموا لواء التصدي والعداء للرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن قامت قريش بصلح الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم

فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذي الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.
قال المفسرون: إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ )[الفتح: 20] يعني صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة خيبر.

ولما كان المنافقون تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم قائلا: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ، يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ، قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا، كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ، فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح: 15] .
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر، أعلن ألايخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة( أصحاب بيعة الرضوان) وهم ألف وأربعمائة ، وكان مع الجيش نساء خرجن لمداوة المرضى وخدمة الجرحى

وقام المنافقون يعملون لليهود فأرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي إلى يهود خيبر: أن محمدا قصد قصدكم وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، ولا تخافوا منه، فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عزّل لا سلاح معهم إلا قليل. فلما علم ذلك أهل خيبر، أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان يستمدونهم؛ لأنهم كانوا حلفاء يهود خيبر، ومظاهرين لهم على المسلمين

وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا على المسلمين ، فتهيأت غطفان وتوجهوا إلى خيبر، لإمداد اليهود، فلما كانوا ببعض الطرق سمعوا من خلفهم حسا ولغطا، فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر قسم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش إلى قسمين أعد القسم الاكبر لمهاجمة حصون اليهود حصنا حصنا وأنطلق القسم الآخر إلى الطريق بين خيبر وغطفان لقطع الاتصال بينهما وليحول بين غطفان ومساعدتها ليهود خيبر

ولما دنا من خيبر وأشرف عليها قال: «قفوا》 فوقف الجيش فقال: «اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، أقدموا بسم الله 》

و بات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قريبا من خيبر، ولا تشعر بهم اليهود، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى قوما بليل لم يقربهم حتى يصبح، فلما أصبح صلى الفجر ، وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم( أدوات الحرث )، ولا يشعرون، بل خرجوا لأرضهم، فلما رأوا الجيش قالوا: محمد، والله محمد والخميس، ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر، خربت خيبر، الله أكبر خربت خيبر. إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين 》
البخاري

وكان النبي صلى الله عليه وسلم اختار لمعسكره منزلا، فأتاه حباب بن المنذر فقال: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله، أم هو الرأي في الحرب؟ قال: «بل هو الرأي» فقال:
يا رسول الله إن هذا المنزل قريب جدا من حصن نطاة، وجميع مقاتلي خيبر فيها، وهم يدرون أحوالنا، ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا. وسهامنا لا تصل إليهم، ولا نأمن من بياتهم، وأيضا هذا بين النخلات، ومكان غائر، وأرض وخيمة، لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا. قال صلى الله عليه وسلم : «الرأي ما أشرت، ثم تحول إلى مكان آخر» .

ولما كانت ليلة الدخول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله "، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها فقال: «أين علي بن أبي طالب، فقالوا: يا رسول الله هو يشتكي عينيه . قال: 《فأرسلوا إليه》
فأتي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرىء، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال:
يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا
قال: «أنفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم » .
البخاري


سلسلة السيرة النبوية 🔻فتح خيبر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع