مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 في أعقاب بدر

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


01/03/2023 القراءات: 436  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 في أعقاب بدر

اختلفت مسالك الأحزاب الكافرة بإزاء المسلمين بعد هذا الغلب الذي مكن للإسلام وأهله، وجعل سلطانهم مهيباً في المدينة وما حولها، ومد نفوذهم على طريق القوافل في شمال الجزيرة، فأصبح لا يمر بها أحد إلا بإذنهم

أما قريش في مكة فلم تكد تصدق ما حدث، فقد قتل ساداتها وأبطالها، فانطووا على أنفسهم يداوون جراحهم، ويستعيدون قواهم، ويستعدون لنيل ثأرهم، ويعلنون أن يوم الانتقام قريب، ولم تزدهم الهزيمة إلا كرها للإسلام، ونقمة على محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه، واضطهادا لمن يدخل في دينه، وتشير رواية مرسلة إلى أنها تجلدت فمنعت البكاء والنياحة على قتلاها لئلا يشمت بهم المسلمون

وصممت على الانتقام والثأر، فأرسلت عمير بن وهب الجمحي لاغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن وعده صفوان بن أمية بإعالة أهله إن قتل، فمضى إلى المدينة متوشحا سيفه، فلما بلغ المسجد أمسك به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذهب به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله عما جاء به فكذب عليه وزعم أنه جاء في طلب أسير، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بمقصده وما كان بينه وبين صفوان بن أمية، فأعلن إسلامه وطلب أن يأذن له بدعوة أهل مكة إلى الإسلام . ومما فعلته قريش للثأر لقتلاها أنها اشترت اثنين من أسرى المسلمين في حادثة الرجيع وهما خبيب وزيد ابن الدثنة فقتلتهما .

أما في المدينة حيث المسلمين كثرة مكينة ظاهرة، فقد اتخذت العداوة للإسلام طريقة الدس والنفاق ، فأسلم فريق من المشركين واليهود ظاهراً، وقلوبهم تغلي حقداً وكفراً، دخلوا الإسلام حماية لمصالحهم بعد أن شعروا برجحان كفة المسلمين، فكون هؤلاء جبهة المنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر و على رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول

أما اليهود فانخذلوا وظهرت أحقادهم التي دفعت بهم إلى المجاهرة بالعداء، فقد غاظتهم النتيجة التي ما كانوا يتوقعونها فلم يعودوا يسيطرون على أفعالهم وأقوالهم التي تنم عن الغضب والحقد المتأججين. فاندفعوا نحو العدوان مما أدى إلى إجلاء بني قينقاع عن المدينة.

وفي شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة فرض صيام رمضان، وفرضت زكاة الفطر،وكان أول عيد للمسلمين هو العيد الذي وقع في شوال سنة 2 هـ، إثر الفتح المبين الذي حصل لهم في غزوة بدر‏ ، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فصلى بهم صلاة العيد ،‏ فما أروع هذا العيد السعيد الذي جاء به الله بعد أن تَوَّجَ هامتهم بتاج الفتح والعز، وما أروق منظر تلك الصلاة التي صلوها بعد أن خرجوا من بيوتهم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتوحيد والتحميد، وقد فاضت قلوبهم رغبة إلى الله، وحنينًا إلى رحمته ورضوانه بعد ما أولاهم به من النعم،وأيدهم به من النصر

وفي شوال من الثانية للهجرة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها بعد غزوة بدر ، وفي نفس السنة تزوج على بن أبي طالب رضي الله عنه من السيدة فاطمة رضي الله عنها ترك انتصار المسلمين في بدر أثارَا كبيرة في اليهود والمنافقين بالمدينة، وفي قريش بمكة، وفي القبائل الضاربة حول المدينة والبعيدة عنها، ولم تزدهم هزيمة قريش إلا كرهًا للإسلام ونقمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه واضطهادًا لمن يدخل في الإسلام

وقد قام الجميع بمحاولات للكيد للإسلام والمسلمين والنيل منهم، ولكنهم لم يفلحوا ورد الله كيدهم في نحورهم فلم ينالوا شيئًا، ولا بد لنا من الإشارة إلى أهم هذه الأحداث ليتبين لنا كيف أن حياة المسلمين كانت سلسلة متواصلة من المعاناة والآلام والجهاد، وأن المسلمين تحملوا في سبيل الدعوة ما لم تتحمله جماعة من قبل. وأهم هذه الأحداث بعده.


سلسلة السيرة النبوية 🔻 في أعقاب بدر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع