مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


ماذا يضركم إن تنازلتم عن بعض حقوقكم ؟

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


17/12/2022 القراءات: 340  


عباد الله فتشوا قلوبكم بتأن وائتآد ، وابحثوا عما تغلغل فيها من الأضغان والأحقاد ، فإذا وجدتم شيئا من ذلك فاجتهدوا واعملوا على سرعة إزالته ومحوه بجد واجتهاد وأعرضوا بكليتكم عن وحي الشيطان ووساوسه ، واستعيذوا بالله القوي القدير من همزاته وهواجسه ، فإنه لا يريد إلا إيقاعكم في البلا ، وتعريضكم لسخط الله ومقته الشديد ، ماذا يضركم إن تنازلتم عن بعض حقوقكم ، وتجاوزتم وصفحتم عمن أساء إليكم من إخوانكم ، وقصدتم وجه الله وثوابه في صفحكم وتنازلكم ، وبذلك تكونون قد أرضيتم الله رب العالمين ، وأبعدتم شبح الشر عنكم وعن إخوانكم المسلمين وكنتم أصحاب الفضل والمنة ، يشكر الله والناس لكم هذا الخلق الطيب الحميد ، ألا فاحرصوا عباد الله على الفضل العظيم ، وأقبلوا سراعا إليه ، واكظموا غيظكم ، وابذلوا جهدكم في التغلب عليه ، واعلموا أن الجزاء من جنس العمل ، فالله يغفر من ذنوب العافين عن الناس ، ويمجد الكاظمين الغيظ ، ويتولاهم بالفضل والكرامة ، ويزوجهم من حور الجنان ما يشاءون يوم القيامة ، ويدعوهم يوم القيامة على رؤوس الخلائق إلى تلك الكرامة ليعلم فضلهم ، ويشهد مجدهم القريب والبعيد . فإذا ما علمتم هذا فقارنوا بينه وبين ما يعامل الله به المشاحن الحقود الحسود ، الذي أجاب داعي الشيطان ، وأعرض عن نصيحة ربه الذي خلقه ورزقه ، ويسر له أموره ، وأصر على ما هو عليه من التقاطع والشحناء والصدود ، وسترون أنه بعناده وإبائه واستكباره قد خسر الدنيا والآخرة عرض نفسه في الدنيا لنقم الله

المتعاقبة ، وأبقى لها بعد الموت جهنم يلقى فيها العذاب الأليم ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن المتهاجرين المتشاحنين يعرض الله عنهما ، وإذا أفاض على خلقه رحمته كان الحرمان نصيبهما ولا يزالان هكذا حتى يزيلا ما بينهما من الخصام ويعودا إلى ما كانا عليه من قبل من الصفاء والوئام ، والله سبحانه وتعالى عفو غفور . تفهموا يا إخواني جيدا ، واقرعوا قلوبكم بما سمعتم من الزواجر والعظات ، واعلموا أن أقرب المتصافيين إلى الله أسبقهما إلى الصفح وتناسي ما فات ، وأعظمهما أجرا من بدأ بالسعي إلى إزالة الأضغان والأحقاد ، فإن استجاب خصمه للصلح ولم يتأخر فبها ونعمت ، واستحق نصيبه من الأجر والثواب ، وإن أبى وامتنع فقد احتمل الإثم والعقاب فاتقوا الله عباد الله ، واعملوا بهذه النصيحة ، وسارعوا بالاعتذار إلى ربكم ، واستجيبوا إلى داعي الهدى والرشاد ، وأصلحوا ذات بينكم ، وهلموا سراعا إلى مصافاة من خاصمتم من إخوانكم ، وبذلك تصونون بيوتكم من الخراب ، وتحفظون أموالكم من التلاشي والذهاب ، وترجون رضا ربكم وعفوه يوم البعث والحساب ﴿ يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ﴾ ، ﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾ روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث ، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه ، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر ، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجر » . وروى الطبراني عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

« تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس ، فمن مستغفر فيغفر له ، ومن تائب فيتاب عليه ، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا » . وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من كظم غيظا وهو قادر أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء » .
اللهم أعذنا من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


ماذا يضركم إن تنازلتم عن بعض حقوقكم ؟


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع