مدونة عبدالحكيم الأنيس


سؤال وجواب في الوتس اب (68)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


07/01/2024 القراءات: 525  


السؤال (718):
قرأتُ مقالًا لأحد المستشرقين ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها"، وعلق عليه قائلًا: هذا دليلٌ قاطعٌ على احتقار المرأة وعبوديتها. سؤالي -جزاك الله خيرًا-:
أولًا: ما هو درجة صحة الحديث؟
ثانيًا: كيف تردون على هذا الكلام، يعني ما قراءتكم للحديث؟
الجواب:
الحديث صحيح بشواهده، وقال العلامة المناوي في «فيض القدير» (5/ 329):
«فيه تعليقُ الشرط بالمحال، لأن السجود قسمان:
سجود عبادة وليس إلا لله وحده ولا يجوز لغيره أبدًا.
وسجود تعظيم وذلك جائز فقد سجد الملائكة لآدم تعظيمًا.
وأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يكون، ولو كان لجُعل للمرأة في أداء حق الزوج.
وقال غيرُه: إن السجود لمخلوق لا يجوز، وسجود الملائكة خضوعٌ وتواضعٌ له من أجلِ علمِ الأسماءِ الذي علَّمه اللهُ له وأنبأهم بها، فسجودهم إنما هو ائتمام به، لأنه خليفة الله، لا سجود عبادة، {إن الله لا يأمر بالفحشاء} ... وفيه تأكد حق الزوج، وحث على ما يجب من بره، ووفاء عهده، والقيام بحقه، ولهنَّ على الأزواج ما للرجال عليهن».
وانظر الجملة الأخيرة في ختام الشرح: "ولهنَّ على الأزواج ما للرجال عليهن". ورحم الله العلماء ما أشد يقظتهم!
ومشكلة المستشرقين وغيرِهم جهلُهم بلسان العرب وأساليب البيان.
ثم إنهم محرومون من الحياة الأسرية القائمة على الحبِّ والتفاني والإخلاص والاندماج، فلا يفهمون هذا الكلام وسياقته وأبعاده.
***
السؤال (719):
هل ثبت عن أبي الهدى الصيادي أنه قال: منكر كرامة تقبيل الرفاعي يد النبي صلى الله عليه وسلم كافر؟
الجواب:
ذكرَ الصيادي هذه القصة في كتب كثيرة، وخصَّها بكتابٍ سماه: "الكنز المطلسم في مدِّ يد النبي صلى الله عليه وسلم لولده الغوث الرفاعي الأعظم"، طُبع في المطبعة العلمية بمصر سنة (1313)، وفي دمشق سنة (1426).
وقد قال فيه (ص: 76) ط دمشق: "ولا يستريبُ بها -والعياذ بالله تعالى- إلا مَنْ طمس الحسد على قلبه، فأعماه عن دربه، فإن حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ثابتة...".
وقال (ص: 81): "هذه القصة السعيدة، والمنقبة الوحيدة، قد جمعت هذه الشروط الأربع [كان قد ذكر شروط التواتر]، وأتت ببرهان قاطع لا يُقطع ولا يُدفع".
ونسبَ إلى مَنْ سماه الحافظ الكبير والعلامة النحرير جمال الدين أبا عبدالله المطري،- وترضى عنه- أنه قال في كتابه "مراتب العارفين" (ص: 99- 100): "هذه القصة تواتر خبرها، لا ينكرها إلا جاهل قليل الروية، حاسد لسلطان النبوة وظهور المعجزة المحمدية، أو معذور مِن غير هذه الأمة الأحمدية".
ونسبَ إلى السيوطي أنه قال في "الشرف المحتم" (ص: 117): "هذه المنقبة المباركة بلغت بين المسلمين مبلغ التواتر، وعلت أسانيدها، وصحت رواياتها، واتفق رواتها، وإنكارها من شوائب النفاق، معاذ الله".
ونسب إلى أحمد القليوبي أنه قال في "تحفة الراغب" (ص: 248): "قد أفردت هذه الكرامة بالتآليف والتصانيف، وهي مستفيضة متواترة، وإنكارها من شوائب النفاق، والعياذ بالله تعالى".
وقال ناشر الكتاب في حاشية له (ص: 248): "يُخشى على منكر هذه المنقبة سوء الخاتمة كما صرح بذلك السيوطي في كتابه "الشرف المحتم"، وكتابه "التنوير" ...". يقصد "تنوير "الحلك في إمكان رؤية النبي والملك"، والموجود فيه كما في «الحاوي للفتاوي» (2/ 314):
«وفي (بعض المجاميع): حج سيدي أحمد الرفاعي فلما وقف تجاه الحجرة الشريفة أنشد:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها … تقبل الأرض عني فهْي نائبتي
وهذه نوبة الأشباح قد حضرت … فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
فخرجت اليد الشريفة من القبر الشريف فقبلها»، ولم يذكر السيوطي الإنكار ولا عقوبة الإنكار. ولم يكن هذا متداولًا مِن قبل أصلًا، إنما حصل هذا في نهاية القرن الثالث عشر وبدايات القرن الرابع عشر، وكان العلماء الذين ذكروا القصة يذكرونها من غير تعليقٍ ولا ذكرٍ للإنكار. ولهذا نقول: إن ذكر الإنكار من مؤشرات الريبة في تلك الكتب.
ويجب التمييز هنا بين إنكار أصل الكرامات، وبين المناقشة في ثبوت كرامة بعينها، وبين إنكار أصل التواتر وبين المناقشة في تواتر خبر بعينه، ويجب عدم الخلط بين هذه الأمور، ولا علاقة للحسد هنا بهذه الأشياء، وهل يحسد مسلم سلطان النبوة؟ وإذا نُسبت الكرامة لأي من عباد الله الصالحين وسلم السند من الجرح فعلى الرأس والعين.
***
السؤال (720):
شيخنا: ما المقصود بمنظومة الجزولي وشروحها في كلام الشوكاني في «أدب الطلب ومنتهى الأدب» (ص: 156): «وأنفعُ ما في ذلك منظومة ‌الجزولي وشروحها»، ألا يمكن أن يكون المقصود الخزرجية المسماة بالشافية في علمي العروض والقافية للخزرجي، وهي التي عليها شروح كثيرة أو أن الشوكاني يقصد منظومة أخرى؟ وقد بحثتُ ولم أجد متنًا في العروض منسوبًا للجزولي.
الجواب:
يبدو أن الصواب: "الجزازية".
قال الشوكاني في ترجمته لنفسه في (2/ 215) أنه حفظ «منظومة الجزاز في ‌العروض". ثم ذكر في (2/ 218) أنه قرأ «على العلامة عبدالقادر بن أحمد جميع منظومة الجزاز وجميع شرحها له في العروض".
وقال في ترجمة تلميذه عبدالرحمن بن أحمد بن الحسن على البهكلي الضمدي ثم الصبياني في (1/ 320): «قرأ عليَّ فى الخرازبة [كذا والصواب: الجزازية] وشرحها فى العروض».
وفي «خزانة التراث»: «‌‌شرح الإشارات الكافية في علمي ‌العروض والقافة لأحمد بن محمد ‌الجزاز (ت: 943).
وفي «إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون» (3/ 84): «‌الإشارات ‌الكافية في علمي العروض والقافية لأحمد بن محمد الجزار [كذا هنا بالراء] ‌المسيكي الزبيدي المتوفى سنة.. (من دفتر حيدر آباد)».
وانظر فهرس مخطوطات جامعة الملك سعود.
ولا ذكر لقراءة "الجزولية" في "البدر الطالع".
ولابن معط الجزولي نظمٌ في العروض. انظر: «النبوغ المغربي في الأدب العربي» (1/ 153).
***


أسئلة وأجوبة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع