مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(19)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


31/03/2023 القراءات: 381  


( فصل ) : في أحكام القضاء
ويستحب قضاء رمضان فورا مع سعة وقت مسارعة لبراءة الذمة ويسن التتابع في قضائه لأنه أشبه بالأداء وأبعد عن الخلاف . ويجوز تفريقه لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع » .
وروى الأثرم بإسناده عن محمد بن المنكدر أنه قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان ، فقال : « لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين ، هل كان قاضيا دينه » ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : « فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم » .
قال البخاري : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - لا بأس أن يفرق لقوله تعالى : ﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ متتابعات ، فسقطت متتابعات .
ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر ، لما أخرجه الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان .
وفي رواية لمسلم : إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تقدر أن تقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في شعبان . وفي رواية للترمذي : قالت - رضي الله عنها - ما كنت أقضي ما يكون علي من قضاء رمضان إلا في شعبان حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإذا لم يبق من شعبان لا قدر ما عليه ، وجب القضاء فورا متابعا لضيق الوقت ، كأداء رمضان في حق من لا عذر له .
ولا يكره القضاء في عشر ذي الحجة ، فإن أخر القضاء لغير عذر حتى أدركه رمضان آخر فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم ويروى ذلك عن ابن عباس- رضي الله عنهما - وابن عمر رضي الله عنهما - وأبي هريرة - رضي الله عنه - ولم يرو عن غيرهم خلافه قاله في الشرح .
ومن فاته رمضان قضا عدد أيامه تاما كان أو ناقصا لأن القضاء يجب أن يكون بعدد ما فاته كالمريض والمسافر لما تقدم من قوله تعالى : ﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ ويجوز أن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء وأن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف . والله أعلم وصلى الله على محمد .
---
( فصل ) : ثم اعلم وفقنا وإياك الله لطاعته أن للصيام محاسن كثيرة وهي قليل من كثير من محاسن الدين الإسلامي ثبتنا الله وإياك وجميع المسلمين عليه فمنها : أن الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه فإذا شبع بطنه جاع عينه ولسانه ويده وفرجه فكان تشبيع النفس تجويعا لهذه المذكورات ، وفي تجويع النفس تشبيعها فكان هذا التجويع أولى ومن ذلك أنه إذا جاع علم حال الفقراء في جوعهم فيرحمهم
ويعطيهم ما يسد به جوعهم إذ ليس الخبر كالمعاينة لا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجل .
ومن محاسن الصيام في فرضه وشرعه أنه لم يفرض في كل العمر مع ما فيه من الحسن بل فرض شهرا من كل سنة شهر رمضان ورخص في الإفطار عندما يحصل لمن وجب عليه عذر وأيضا أمر بالصوم في النهار وأبيح في الليل الإفطار ، وهذا من لطف الله أمر عباده على وجه يمكن لهم فيه إحراز الفضيلة واكتساب الوسيلة ومن ذلك إنه خص الصيام بالنهار لأن الأكل فيه معتاد ، والنوم في الليل معتاد ومن محاسن الصوم اكتساب مكارم الأخلاق لأن قلة الأكل من محاسن الأخلاق .
ولذلك لم يحمد أحد بكثرة الأكل ويحمد على قلة الأكل يحمده كل ذي دين في كل حين ولم يرو عن أحد من الأنبياء كثرة الأكل ومن جملة المحاسن في الصيام أن الله من لطفه بعباده لم يشترط في القضاء ما في الأداء من كل وجه فلم يشترط في القضاء طول اليوم باليوم ولا حرارته ولا برودته فإذا أفطر في أطول يوم ثم قضاه في أقصر يوم أجزاه وكفاه .
ومن جملة المحاسن في الصوم أنه لم يشترط فيه قران النية عند الشروع كما في سائر العبادات لأن هذا الوقت وقت نوم وغفلة قلما يقف العبد عليه فلو شرط لضاق الأمر على الناس فيسر الأمر على عباده حتى أجاز الصوم بنية متقدمة تقع بجزء من الليل وإن طرأ عليه الأكل والشرب والرفث لأن الله أباح الأكل والشرب إلى آخر الليل فلو بطلت به فات محلها .
اللهم اسلك بنا سبيل عبادك الأبرار ، ونجنا من عذاب النار ، وأسكنا الجنة دار القرار ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(19)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع