السؤال التاريخي والتأسيس للفهم المنشود
د. عامر ممدوح | Dr. Aamer Mamdoh
30/03/2019 القراءات: 4139
ينظر للتاريخ على الدوام من طرفين قد يصل بينهما الاختلاف حد التقاطع !
الأول : يراه حكاية مشوقة ، وارض خصبة للخيال غير المنضبط ، وساحة تغيب عنها مستلزمات العلم المطلوبة .
والثاني : يجده محطة للتفكر والاعتبار ، ومحاولة تتباين في مستوياتها لنقل الماضي كما كان .
وبين هذا الرأي وذاك قصة تفكير طويل لا زال يحاول تلمس الطريق منذ قرون للمعرفة التاريخية الحقة .
ولعل واحدة من محاولات الوصول للفهم التاريخي المنشود ، التأسيس له عبر السؤال .
هذا السؤال الذي تركن اليه الدراسات الاكاديمية ولا سيما في مرحلة الدكتوراه اليوم تحت عنوان ( الفرضية ) ، من الممكن ان يكون مفتاحا منهجيا يصل بنا الى وضع التصور المطلوب لحقبة تاريخية ما .
فمثلا ، من الممكن الولوج إلى ملف السياسة الخارجية للخلافة الأموية في الأندلس عبر السؤال الآتي :
( كيف أثرت قوة الخلافة الأموية على علاقاتها بجيرانها ؟ ) ..
فالاجابة على هذا السؤال سيمنحنا التصور لطبيعية العلاقة بين الخلافة ونظرائها ، ويفسر لنا منحنيات العلاقة بين التصادم وبين ارسال السفارات الدبلوماسية .
أو من الممكن التساؤل :
( ما هي دلالات استقبال الخلافة الأموية لوفود تمثل الممالك الاسبانية ؟ )
فتأخذنا الاجابة الى تقرير حقيقة واقعة بتقبل الوجود الاسلامي لحدوده التي غدا عليها في الاندلس وقتها ، بما فيها الاقرار بوجود هذه الممالك ، وهي الحقيقة التي لم تغيرها الحملات التأديبية ولو تجاوزت ال55 حملة كما خاضها الحاجب المنصور بن أبي عامر !.
والأمر ممكن ان يتناول عصر الطوائف في الأندلس من خلال صياغة السؤال الآتي :
( كيف ساهم زعماء الطوائف في اضعاف الوجود الاسلامي في الاندلس ؟ ) .
فتستلهم الاجابة مميزات هذه السنوات العجاف على الاندلس من خلال : تفكك وحدة البلاد ، واستشراء الصراع الداخلي ، والتعاون مع عدو الاندلس التاريخي على حساب جيرانهم المسلمين ، مما اورث ضعفا وتراجعا لم يكن هناك امكانية لتلافيه لاحقا .
وهكذا ..
من الممكن للسؤال التاريخي - اذن - ان يغدو بابا منهجيا يحدد المسارات ، للوصول الى ما ننشده من غايات .
التاريخ ، فرضية ، السؤال ، الأندلس
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة