مدونة أبوبكر لشهب


المقاصد والفتوى في النوازل

أبوبكر لشهب | lacheheb boubaker


04/06/2020 القراءات: 646  


الفتوى بيان حكم ما سأل عنه السائل ، ومنه قوله عز وجل"ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن" والمعنى يبين لكم حكم ما سألتم، فهي بيان حكم لمن سأل عنه.
أما في اصطلاح فهي:حكم الشرع الذي يخبر عنه المفتي بإفتائه ، لهذا عرفها الإمام القرافي بقوله:الفتوى إخبار عن حكم الله تعالى في إلزام أو إباحة ، فتكون بمعنى الاخبار عن رب العالمين.
أما الإفتاء فهو قيام المفتي بجواب المستفتي، فهو تبليغ عن الله تعالى بما شرعه لعباده من الأحكام، والمفتي مُخْبِر عن الله تعالى بحكمه، متمكن من معرفة أحكام الوقائع.
و مجال الفتوى واسع يشمل كل أفعال وأقوال المكلفين اخبارا وبيانا (عبادات معاملات عقود).
ونذكر في هذا المقام بأساسين نراهما من الأهمية بمكان :
أولا: لا يقدر على الافتاء في النوازل إلا من علم بالمقاصد والحِكم والعِلل وجمع أهم المواصفات التي تجعل منه قادرا على نصب الأدلة للاستدلال, وهنا يحضرني مثال نقله الإمام بن القيم عن شيخ الإسلام بن تيمية، عندما طلب منه أحد مرافقيه أن ينكر على جمع من التتار كانوا يشربون خمرا، فقال له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال، فدعهم . فهي نازلة حكم فيها شيخ الإسلام رحمه الله بما يوافق مقاصد الشريعة العالية، وإن ظهر لغير العالم بها مخالفة لظاهر حكم جزئي..؟
ثانيا: الدراية التامة بالناس وواقعهم:
المجتهد مثل بقية الناس ، يتأثر بمختلف العوامل النفسية والثقافية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة, وإهمال هذه المؤثرات يؤدي إلى مخاطبة الناس بغير عقولهم, كما أن عدم اعتبار واقع الناس مكابرة تكون سببا في الإفساد من حيث يريد المتكلم الإصلاح, نقل الإمام ابن القيم عن الإمام أحمد قوله: ينبغي للرجل الذي ينصب نفسه للفتيا خمس خصال: أولها: النية, الثانية: الوقار والسكينة, الثالثة: المعرفة, الرابعة: الكفاية (أن يكون له كفاية من العيش), الخامسة: معرفة الناس .
واعتبر بن القيم هذا -معرفة الناس- أصل عظيم يحتاج إليه المفتي والحاكم، وإلا كان يفسد أكثر مما يصلح, وأنه شرط لصحة الافتاء إذ قد يبلغ درجة الافتاء من لا يعرف واقع الناس، فيكون افتاؤه غير صحيح وان لقب بالمفتي .
ومن هذا القبيل تغير الحكم بتغير الزمان والأحوال والأشخاص والأعراف، وحتى الإجماع الذي يبنى على عرف أو علة أو ظرف فإنه يتغير بتغير أسبابه وعلله .


فتوى، نوازل، مقاصد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع