مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


«من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة»

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


01/06/2023 القراءات: 464  


وروى أبو داود حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة» حدثنا محمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن أبي مريم أنبأنا الليث حدثني إبراهيم بن نشيط عن «كعب بن علقمة أنه سمع أبا الهيثم يذكر أنه سمع دحينا كاتب عقبة بن عامر قال: كان لي جيران يشربون الخمر فنهيتهم فلم ينتهوا، فقلت لعقبة بن عامر: إن جيراننا هؤلاء يشربون الخمر، وإني نهيتهم فلم ينتهوا فأنا داع لهم الشرط، فقال: دعهم، ثم رجعت إلى عقبة مرة أخرى فقلت: إن جيراننا قد أبوا أن ينتهوا عن شرب الخمر، وأنا داع لهم الشرط، فقال: ويحك دعهم فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر معنى حديث مسلم. قال أبو داود: قال هشام بن القاسم عن ليث في هذا الحديث قال: لا تفعل، ولكن عظهم وتهددهم» كعب تابعي ثقة لم يرو عن أبي الهيثم غيره
ولهذا قال بعضهم في أبي الهيثم لا يعرف. وقد روى خبره أحمد والنسائي، وقال ابن عقيل في الفنون: الصحابة - رضي الله عنهم - آثروا فراق نفوسهم لأجل مخالفتها للخالق سبحانه وتعالى، فهذا يقول: زنيت فطهرني، ونحن لا نسخو أن نقاطع أحدا فيه لمكان المخالفة.
وقال في شرح مسلم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن ستر مسلما ستره الله عز وجل يوم القيامة» قال: وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد، وأما المعروف بذلك، فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قصته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله، وهذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، أما معصية رآه عليها، وهو بعد متلبس، فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه على من قدر على ذلك، فلا يحل تأخيرها، فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.
وأما جرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم فيجب عند الحاجة، ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم، وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة، وهذا مجمع عليه.
قال العلماء في القسم الأول الذي يستر فيه: هذا الستر مندوب فلو رفعه إلى السلطان ونحوه لم يأثم بالإجماع، لكن هذا الأولى وقد يكون في بعض صوره ما هو مكروه انتهى كلامه.
وإذا لم يأثم برفع فاعل معصية انقضت فرفع من هو متلبس بها ابتداء مثله، أو أولى وما ذكره من الإجماع فيه نظر لما سبق ولما يأتي. وقد ذكر هو وغيره قصة حاطب بن أبي بلتعة فيها هتك ستر المفسدة إذا كان فيه مصلحة، أو كان في الستر مفسدة، وإن الأحاديث في السنن تحمل على ما إذا لم تكن فيه مفسدة، ولا تفوت به مصلحة.
وقد ذكر المهدوي في تفسيره أنه لا ينبغي لأحد أن يتجسس على أحد
من المسلمين قال: فإن اطلع منه على ريبة وجب أن يسترها ويعظه مع ذلك ويخوفه بالله تعالى. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ثم يصبح، وقد ستره عليه الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره الله عز وجل، ويصبح يكشف ستر الله عز وجل عنه» . في نسخ معتمدة أو معظم النسخ «معافاة» يعود إلى الأمة.
وفي بعض النسخ «وإن من المجاهرة» وفي بعضها «وإن من الجهار» يقال: جهر بأمره وأجهر وجاهر.
قال ابن عقيل في الفنون: سؤال عن قوله: - صلى الله عليه وسلم - «وجبت» ، والجواب أنه يجوز أن يكون قوله ذلك مما ألقي إليه من الوحي. ويحتمل أن يكون لما ظهر له حين غفر شره لخيره (والثالث) يجوز أن يكون استسراره بالشر طاعة لله تعالى حيث قال: من أتى من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عز وجل فوجبت له المغفرة بطاعة الشرع باستسراره لستر الله عز وجل، فجازاه الله عز وجل على ذلك بالمغفرة لما ستره عن الخلق طاعة للحق والله سبحانه أعلم.


«من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة»


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع