مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
الزوجة سكن ووطن (1)، أ. د. محمد محمود كالو
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
27/05/2023 القراءات: 858
الزوجة سكن ووطن
لماذا وصف الله تعالى في القرآن الكريم الزوجة مادحًا لها بأنها هي السكن وليس الرجل؟
كيف تكون المرأة سكنًا للرجل؟
وهل يمكن أن يكون الرجل سكنًا للمرأة؟
قد يملك الرجل عدة عقارات ومساكن كثيرة، ولكنه يفتقر للسكن الحقيقي، وهو الزوجة في حياته، ولذلك وصف الله تعالى الزوجة بالسكن عندما قال سبحانه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
عندما يريد أي شخص مسلم أن يتزوج، يذهب إلى المطبعة ليطبع بطاقات الدعوة إلى الزفاف، وأول ما يتبادر إلى ذهنه هذه الآية الكريمة، نعم {أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}.
وكذلك قول الله تعالى: {هُوَ الذي خَلقَكم من نَفْسٍ وَاحدَة وَجَعَلَ منْهَا زَوْجَهَا ليَسْكنَ إليْهَا} [الأعراف:189].
المرأة سكن للرجل، كما أن الرجل مركز أمان للمرأة، ويجمع بينهما المودة والرحمة، ويبقى السؤال: لماذا اختار الله تعالى كلمة السكن للحياة الزوجية، فما هي مواصفات السكن يا ترى؟
تعالوا لنرى هذه المواصفات ونطبقها في الحياة الزوجية:
1- الدفء: إذ لا يمكن للإنسان أن يجلس في بيت يشعر فيه بالبرد دائماً، لأن السكن عادة يعزل ما هو خارجه من البرد والريح والثلج وكذلك الحر الشديد، وهكذا الزواج يحتاج إلى الدفء، والدفء يأتي من العلاقة بين الزوجين، والسؤال عن أحوالهما، واهتمام كل طرف بالطرف الآخر، والشعور بمن يعتمد عليه، وخاصة في الأوقات الحرجة كالمرض مثلاً.
2- الأمان: حيث ينبغي أن يكون السكن آمناً سواء في أساساته أو جدرانه، وأن يكون في مكان آمن أيضاً، وكذلك الحياة الزوجية تحتاج إلى أمان، وبعض الناس يعتقدون أن المرأة وحدها بحاجة إلى أمان، وهذا خطأ، لأن الرجل كذلك بحاجة إلى أمان، ويأتي أمان الرجل من الدعم الدائم له؛ لأنه يبحث للعائلة عن الرزق الحلال، وقد يكون الأمان بكلمة (أحبك)، وكذلك بالتعبير عن المشاعر، والكلام الجميل واللطيف، كقوله لها: سلمت يمناك، وشكراً على هذا الطعام اللذيذ، وكذلك يأتي الأمان للرجل في عدم تسرب المشاكل الداخلية خارج السكن، ولو كان نقل الكلام عبر الهاتف إلى أختها أو أمها وأبيها، فكم دمرت بيوت من جراء ذلك!
3- الخصوصية: وحتى يكون السكن سكناً يجب أن يكون للشخص في بيته غرفة خاصة ومكان خاص بجانب الغرف المشتركة كغرفة الجلوس والمطبخ، وكذلك الحياة الزوجية إذ لكل منهما خصوصية، فيجب احترام خصوصية الآخر، وذلك بعدم البحث في جوال الآخر بحجة أن يعرفوا عن بعضهم كل شيء، هذا سبب كبير لدمار كثير من السكن والبيوت، فلكل شخص خصوصيته، وهناك أشياء تحبها زوجتك لكنك أنت لا تحبها، والعكس صحيح، ولذلك قلت: غرفة خاصة بجانب الغرف المشتركة للنقاش والحوار والمشاورة، وقد »قالَتِ امْرَأةٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أكُونُ في بَيْتِي عَلى الحالَةِ الَّتِي لا أُحِبُّ أنْ يَرانِي عَلَيْها أحَدٌ لا ولَدٌ ولا والِدٌ، فَيَأْتِينِي الأبُ فَيَدْخُلُ عَلَيَّ فَكَيْفَ أصْنَعُ؟ فَنَزَلَتْ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكم﴾ الآيَةَ «.[أخْرَجَه الفِرْيابِيٌّ وابْنُ جَرِيرٍ].
يتبع =
الزوجة، سكن، وطن، استقرارـ راحة، دفء، أمان
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع