مروان جوابرة


البعد الدلالي للصورة - قراءة في المنهج السيميولوجي

مروان أحمد جوابرة | Marwan Ahmad Jawabreh


16/12/2023 القراءات: 544  


المنهج السيميولوجي:
إن أقصر تعريف للسيميائية هو: "دراسة الإشارات"، فباستثناء تعريف السيمياء الأول "دراسة الإشارات"، حيث يعرف أمبرتو إيكو "Umberto Eco": "تُعنى السيميائية بكل ما يمكن اعتباره إشارة". تتضمن السيميائية ليس فقط ما نسميه في الخطاب اليومي "إشارات"، لكن ما "ينوب عن" شيئا آخر. من منظور سيميائي، تأخذ الإشارات شكل كلمات وصور وأصوات وإيماءات وأشياء. ولا يدرس السيميائيون المعاصرون الإشارات مفرد، لكن كجزء من "منظومة إشارات". يدرسون كيفية صناعة المعنى وتمثيل الواقع . انبثقت كلمة سيميولوجيا من الكلمة اليونانية Semeion بمعنى العلامة، وlogos بمعنى الخطاب أو العلم، وبذلك تصبح كلمة Semiologe علم العلامات أو علم الدلالة، كما يطلق عليها بالعربية "السيميائية أو علم الاشارت، ويوجه هذا العلم اهتمامه نحو دراسة مختلف أنواع العلامات اللسانية والغير لسانية ، ووفقًا لكتاب Course in General linguistic لفردنان دي سوسور أنّ علم يدرس علامات الحياة المفهومة في المجتمع. بينما ترلش سندر بيرس قال إن العلامات تتعلق أغراض التي تشبهها. وجوددها تملك رابطة بسيطة أو أنشوطة تقليدية بهذه العلامات.
العلاقة مع الألسنية:
كتب جابسون: "اللغة ... منظومة سيميائية خالصة.. لكن.. يجب أن تأخذ دراسة الإشارات بعين الاعتبار البِنى السيميائية التطبيقية، كأسلوب البناء واللباس والطهي، كل بناء هو في الوقت عينة من نوع الملجأ ومن المُرسلة. كذلك كل لباس يلبي بالتأكيد متطلبات نفعية، وتظهر فيه في الوقت عينة خصائص سيميائية متنوعة. أسس الألسنية البنيوية سوسور وهيلمسليف وجاكوبسون. وهذا الأخير أول من استخدم مصطلح "البنيوية" في العام 1929. والبنيوية منهجية تحليل تقتضي تطبيق النموذج الألسني على مجموعة أوسع من الظاهر الاجتماعية. ويحدد جاكسبون "الوظائف الأساسية للغة"، ويعتبر أن تحديده هذا يجب أن يؤدي إلى "دراسة المنظومات السيميائية الأخرى بطريقة مماثلة"، فالبنيوية تدخل في تطبيق النموذج الألسني على أنواع مختلفة من الظاهر الاجتماعية. يبحث البنيويون عن "التراكيب العميقة" الكامنة وراء "السمات السطحية" في منظومات الإشارات: فبحث عنها ليفي ستراوس في الأسطورة وقواعد القاربة والطوطمية، ولاكات في اللاوعي، وبارت وغريماس في قواعد السرد. يبرهن سوسور أن "لا شيء أفضل من دراسة اللغات لإظهار طبيعة المسألة السيميولوجية". وكثيرًا ما تلجأ السيميائية إلى الأفاهين الألسنية، بسبب تأثير سوسور، ولأن الألسنية فرع أكثر رسوخًا من الفروع الأخرى التي تدرس منظومات الإشارة، يقول سوسر إن اللغة "لغة النطق" هي أهم منظومات الإشارات.
بلاغة الصورة:
تمثل السيميائية تحديًا "للحرفي"، لأنها ترفض احتمال أن نكون قادرين على تمثيل "طريقة وجود الأشياء" تمثيلًا حياديًا. لذلك استعان السيميائين في إقامة إشكالية حول تمييزين رئيسيين: التمييز بين الحرفية والمجاز على مستوى الدال، والتمييز بين الدلالة التعيينية والدلالة الضمنية على مستوى المدلول. أطلقت تسمية "التحول البلاغي"، أو "التحول الخطابي"، على تغير كبير في الخطاب الأكاديمي يظهر بوضوح في كثير من الاختصاصات. والعبارة المركزية في هذا التوجه المعاصر هي أن الأشكال البلاغية تتدخل بعمق، وبطريقة لا مردَّ لها، في بلورة ضروب الواقع. لا ينفصل الشكل عن المضمون، وليست اللغة وسيلة محايدة. لاختيار الكلمات أهميته. يشدد الأمريكي ستانلس فيش على أنه "لا يمكن أن نعني الشيء نفسه بطريقتين مختلفتين" فقولنا: "الكوب نصف فارغ، ليس مماثلًا "نصف ملآن". في الاستخدام الشعبي للغة نقول من منطلق سلبي "بلاغة غاضبة" و"بلاغة فارغة" و"مجرد بلاغة"، لكن لا مفر لكل خطاب من أن يكون بلاغيًا. إن الصورة البلاغية أساسية للفهم، أيًا كانت الطريقة التي تعرف بها، فهي تشكل شيفرة بلاغية، واللغة المجازية لا تختلف عن الشيفرات الأخرى، فالصورة البلاغية شيفرة ترتبط ارتباطًا بينًا بكيفية تمثيل الأشياء، وليس بالأشياء الممثلة. ومع ذلك يمكن أن يكون للشيفرة، وهي "شكل"، "محتواها". تلفت انتباهنا أحيانًا في الحياة اليومية استعارةٌ غير عادية، لكن معظم الأحيان تكون الصور البلاغية "شفافة". تعمل هذه الشفافية على تخديرنا بحيث يعمل مخزون الصور البلاغية الثقافي المتوفر كمرساة تربطنا بطرق التفكير السائدة في مجتمعنا.
حين نستخدم صورة بلاغية يصبح مقولنا جزءًا من منظومة واسعة جدًا من الترابطات التي لا سيطرة لنا عليها، كقول "وضع الأشياء في كلمات"، يتطلب ذلك ضمنًا وجودة استعارة ترى في اللغة "إناءً"، وهذه رؤية محددة للغة، لها مستلزماتها الخاصة. ومع ذلك، لا مناص من استخدام الصور البلاغية. يمكن الاعتبار ان ديمومة الصور البلاغية في الأشكال المرئية والكلامية تعكس حقيقة أن فهمنا للواقع علائقي في أساسه. يؤطر الواقع منظومات قياس تناظري. تسمح لنا الصور البلاغية برؤية الشيء وكأنه شيء آخر، يمكن اعتبار الاستعارة مثلًا إشارة جديدة مكونة من دال إشارةٍ ما ومدلول إشارة أخرى. ينوب بذلك الدال عن مدلول ليس له، ويقوم المدلول الجديد مقام المدلول الاعتيادي، بحيث تختلف الصور البلاغية فيما بينها من حيث طبيعة الإبدالات.
أعتبر جيامبتيستا فيكو أن الاستعارة والكناية والمجاز المرسل والسخرية هي الصور البلاغية الأساسية (أي يمكن اعتبار الصور الأخرى متفرعة منها).


السيميائية / المنهج السيميائي / السيميولجي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع