مدونة أ.د/ رشا علي الدين


لمحة تاريخية حول الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري

أ.د/ رشا علي الدين | Prof. Rasha Alieldin


06/05/2020 القراءات: 647   الملف المرفق



ويمكننا القول بأن البداية الحقيقية للحماية الدولية بدأت عندما قررت لجنة حقوق الإنسان، بموجب القرار 20 (د -36) بتاريخ 29 فبراير 1980، أن "تنشئ لمدة سنة واحدة فريقًا عاملاً يتألف من خمسة من أعضائها يعملون كخبراء بصفتهم الشخصية لبحث المسائل ذات الصلة بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي للأشخاص". وباعتماد الجمعية العامة، في عام 1992، الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، كُلِّف الفريق العامل أيضًا برصد التقدم الذي تحرزه الدول في الوفاء بالتزاماتها المترتبة على الإعلان وبتقديم المساعدة إلى الحكومات في تنفيذ الإعلان. ويسترعي الفريق العامل اهتمام الحكومات والمنظمات غير الحكومية إلى مختلف جوانب الإعلان ويوصي بالسبل الكفيلة بالتغلب على العراقيل التي تعترض إعمال أحكامه. وبهذه الصفة، يضطلع الفريق العامل بدور وقائي وذلك بمساعدة الدول في التغلب على العراقيل التي تعترض إعمال الإعلان. ويضطلع الفريق العامل بهذا أثناء قيامه بزيارات قطرية وبتقديمه خدمات استشارية عندما يُطلب منه ذلك. وشهد عام 2001 نشأة لجنة حقوق الإنسان عام 2001 فريقًا عاملاً مفتوح العضوية ما بين الدورات لصياغة مسودة وثيقة منظمة ملزمة قانونًا لحماية كل الأشخاص من "الاختفاء القسري"، وذلك عقب قرار الجمعية العامة في عام 1992 الذي تضمن إعلان 21 مادة عن الاختفاء القسري. وأنهت هذه المجموعة عملها في عام 2006، من ثم اعتمد مجلس حقوق الإنسان مشروع الاتفاقية الدولية في 29 يونيو من عام 2006، كما رُحب بالعرض الذي قدمته فرنسا لاستضافة مراسم التوقيع. واعتمدت الجمعية العامة نص الاتفاقية دون تصويت في 20 ديسمبر من عام 2006، وثم فتحته للتوقيع في مراسم التوقيع في مدينة باريس. حصلت الاتفاقية على 57 توقيعاً بعد أن فتحت للتوقيع في مدينة باريس. لم توقع الولايات المتحدة على الاتفاقية مما أثار بعض الجدل، وبررت الأمر بأن الاتفاقية "لم تلبّ توقعاتها". ولم تبادر العديد من الدول الأوروبية في التوقيع على الاتفاقية بما في ذلك المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وهولندا، إلا أنهم وقّعوا عليها وصدّقوها لاحقاً باستثناء المملكة المتحدة. أما عن الدول التي وقعت منذ البداية فهي تشمل ألبانيا والجزائر والأرجنتين والنمسا وأذربيجان والبرازيل وبوركينا فاسو وبوروندي والكونغو وكرواتيا وفرنسا وغانا وغواتيمالا وهايتي واليابان وليتوانيا والمالديف ومولدافيا والمغرب وأوغندا والسنغال وصربيا وسيراليون ومقدونيا وتشاد وتونس وفانواتو وبلجيكا وبوليفيا والبوسنة والهرسك والكاميرون والرأس الأخضر وتشيلي وجزر القمر وكوستاريكا وكوبا وقبرص وفنلندا وغرينادا وهندوراس والهند وكينيا ولبنان ولوكسمبورغ ومدغشقر ومالي ومالطا والمكسيك وموناكو ومنغوليا والجبل الأسود والنيجر وباراغواي والبرتغال وساموا والسويد وأوروجواي. وقد أصبح عدد الدول الموقعة على الاتفاقية 98 دولة في إبريل 2020. وصدقت منها 60 دولة حتى التاريخ ذاته( ). وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2010، دخلت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري حيز النفاذ، وبالتزامن مع هذا أُنشئت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري. ومثلما هو الحال بالنسبة لعدد من المسائل الموضوعية الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، تتواجد اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي جنباً إلى جنب ويسعيان إلى التعاون معاً وتنسيق أنشطتهما بغية تعزيز الجهود المشتركة الرامية إلى منع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها. أكدت المادة الأولي من إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الصادر في 18 ديسمبر 1992 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 47/133 على أنه يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية ويدان بوصفه انكارًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكًا خطيرًا وصارخًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأعادت تأكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشأن. ووفقًا لما ورد بهذه المادة يمكننا القول بأن جريمة الاختفاء القسري تسعي لحماية عدد من حقوق الإنسان المهمة وهي حق الإنسان في الحياة وكذلك حقه في الحرية والأمن الشخصي. وهناك حقيقة ثابتة مفادها أن مكافحة الجريمة يستلزم تعاون وتضامن الدول كافة في شتي المجالات الأمنية والقانونية والقضائية، من خلال تبادل المعلومات والإنابة القضائية وفي تسليم الجناة والاعتراف بالأحكام القضائية الأجنبية وفي نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية لتنفيذ العقوبات المحكومين بها في سجون دولهم أو نقل الإجراءات الجنائية وغير ذلك من صور التعاون الدولي. ولهذا كانت الدعوات الدولية لتكاتف الدول بغية مكافحة جريمة الاختفاء القسري سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، فهذه الجريمة تمس عدد من الدول في آن واحد، فهي تمر عبر أكثر من دولة من خلال وجود علاقات وثيقة ما بين جماعات وعصابات ارتكاب هذه الجريمة في الدول المجاورة.


اتفاقية - الاختفاء - القسري


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع