وقفة علمية مع ظاهرة التطاول على الإسلام ورموزه
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
01/07/2023 القراءات: 376
أَوَكلما أساء أحدهم للإسلام أو رموزه، تعالت الصيحات بمقاطعة منتجات دولة المسيء، دونما النظر في دوافع الإساءة، وسبل مواجهتهتا؟!
رغم أن ردود الأفعال هذه صحية وتندرج في حكم الواجب من الوجوه الشرعية وغيرها، لكن الأوجب (الأكثر وجوبا) هو البحث في أسباب الظاهرة وسبل مواجهتها علميا، وبرغم تعدد الأسباب المؤدية إلى تطاول الغرب على جناب الإسلام، إلا أن أخطرها وأكثرها أهمية هو الاستهلاك التفاخري والترفيهي وغيرهما من أنواع الاعتماد الاستهلاكي ودوافعه على منتجات الغرب، خصوصا المنتجات غير المهمة، ومع الغزو الفكري وحملات التغريب الممنهجة في جميع المجالات، أدى ذلك إلى استلاب تام للثقافة العربية واستبدالها بالغربية، سواء المعنوية في العادات والتقاليد، أو في المادية المتمثلة في الإنتاج المحلى، والمجاهرة بذلك، بل وتعليل أسباب التخلف الحضاري إلى ثقافتنا الإسلامية، بالإضافة إلى السلوكيات الإرهابية التي ينتهجها بعض المحسوبين على الإسلام وهو منهم براء.
كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى استهانة الغرب بالإسلام ومقدساته ورموزه، واتهامه بأبشع التهم؛ كالإرهاب والتخلف، بالتالي التطاول والإساءة.
لقد تغيرت قيم ترميز الأفراد ومعايير الحكم عليهم عبر الزمن: من الأكثر تقوى لله، إلى الأكثر امتلاك للأشياء، وأخيرا مع الاستلاب الغربي إلى الأكثر استهلاكً، فأصبحنا نقدر قيمة الرجل من نوع سيارته وبراندات ملابسه...
وقد أدت هذه التحولات الكبرى في توجه المجتمع إلى وقف شبه تام للمنتج المحلي، مما ترتب عليه آثار كبيرة وخطيرة مثل: الفقر والبطالة والاحتياج إلى الآخر المنتج، حتى أصبحت الأمة عالة على الأمم رغم كثرتها لكن أفرادها كغثاء السيل، ينتفشون مع الأمواج ويتلاشون مع أقل هبة ريح.
والمخرج من هذه الأزمات العاتية والتي تشتد وطأتها مع الأيام هو أن نمتثل هذا القانون: "نحن قوم لا نستهلك إلا إذا احتجنا، وإذا استهلكنا اعتمدنا على سواعدنا"، رغم قسوة هذا القانون في بدايته على أمة تعتمد في أدق احتياجاتها على غيرها، حتى أننا نستورد ما نصلى عليه وما نحسب به تسبيحاتنا من غيرنا، ومع ذلك يمكننا تطبيق هذا القانون جزءيا نبدأ بالتحسينيات ثم بالحاجيات وأخيرا بالضروريات، وذلك من أجل الحفاظ على هويتنا وأوطاننا ومقدساتنا.
إسلام، حضارة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع