مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب). (12)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


06/05/2022 القراءات: 689  


القلب والوقت:
جاء في "منهاج القاصدين" لابن الجوزي (3/1446): "وكان بعضُ العلماء يقول: إنما هما شيئان: قلبُك ووقتُك، فإذا أهملتَ قلبك وضيعتَ وقتك ذهبتْ منك الفوائد".
وذَكَر في كتابه "الحدائق" (3/235) أنَّ حكيمًا كان يقول: "أعز الأشياء شيئان: قلبُك ووقتُك، فإذا أهملتَ قلبك وضيعتَ وقتك فقد ذهبتْ منك الفوائد، وفقدتَّ أعز الأشياء لديك".
وقال في كتابه "‌‌الياقوتة"، الفصل (18): "يا ‌مَن ‌له قلبٌ ومات، يا مَن كان له وقتٌ وفات، أشرف الأشياء قلبك ووقتك، فإذا أهملتَ قلبك وضيعتَ وقتك فقد ذهبتْ منك الفوائد".
وجاء في كتاب "ترياق المحبين في سيرة سلطان العارفين [أحمد الرفاعي 500-578]" لمحدِّث واسط الشيخ عبدالرحمن بن عبدالمحسن الواسطي (ت: 744): "وكان -قدس الله روحه- يقول للفقراء: لا تضيعوا أوقاتكم بما ليس لكم فيه راحة، فما يمضي منكم نفَس إلا وهو عليكم معدود، وإياكم وما تعتذرون منه، واحفظوا وقتكم وقلوبكم، فإنَّ أعز الأشياء الوقت والقلب، فإذا أهملتم الوقتَ وضيعتم القلبَ فقد ذهبتْ منكم الفوائد، واعلموا أنَّ الذنوب تعمي القلب وتسوده وتمرضه".
فهل الشيخ أحمد الرفاعي هو المقصود بقول ابن الجوزي: "بعض العلماء"، و"الحكيم"؟ أم الشيخان يوردان قولًا سابقًا؟
وقد روى ابنُ الجوزي في كتابه "ذم الهوى" (ص670) عن محمد بن حاتم الترمذي قوله: "رأس مالك ‌قلبك ‌ووقتك، وقد شغلتَ قلبك بهواجس الظنون، وضيعتَ أوقاتك بارتكاب مالا يعنيك، فمتى يربح مَن خسر رأس ماله؟".
وجاء في "النصيحة المختصة" لابن الحبّال البعلي (ت: 744) (ص25): "إنَّ من أعز الأشياء ‌قلبَك ‌ووقتَك، فإذا لم تحفظ قلبك عن الاشتغال بالحظوط الفانية، وتستعمل وقتك فيما يوجب لك الترقي بقوة الله إلى الدرجات العالية، ضاعتْ فوائدك وفاتتْ مقاصدك".
***
احذر التسويف:
رأيتُ على ورقة تقويمٍ في مصر (30 نوفمبر 2010/ 24 من ذي الحجة 1431): "التأجيل لص الزمان".
***
كتابان في أسماء الكتب:
ذُكر للشيخ عبدالله الخزرجي (المتوفى سنة 1363) كتابٌ بعنوان: "الإسفار عن بعض أسماء الكتب والأسفار ومؤلفيها الكرام الأبرار". انظر: القول المنظم في معرفة علماء محافظة مسندم (في سلطنة عُمان) للشيخ حسن بن محمد آل الشيخ حسن الأنصاري (ص 75-76)،
وأدعو أن يُطلبَ هذا الكتاب ويُخدمَ ويُنشرَ، وكذلك كلُّ ما كان على هذه الشاكلة مِن الكتب، ككتاب: "عين اليقين في تاريخ المؤلِّفين" للبكري، ذكره الكتاني في "فهرس الفهارس" (1/499).
***
تراجم رائقة:
من المجوِّدين في التراجم الأستاذ الشيخ عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، وذلك في مقدماته للكتب التي حقَّقها، وفي حواشيها، وحبذا جمعُ هذه التراجم وإفرادُها في كتابٍ فهي نافعة ماتعة رائعة.
***
مواهب وعظية مبكرة:
قال الإمام الذهبي في "العبر في خبر من غبر" (2/ 294):
"أبو عثمان الصابوني، شيخ الإسلام إسماعيل بن عبدالرحمن النيسابوري، الواعظ المفسّر المصنِّف، أحد الأعلام. روى عن زاهر السرخسي وطبقته، وتوفي في صفر [سنة: 449]، وله سبع وسبعون سنة، وأول ما ‌جلس ‌للوعظ، وهو ابن عشر سنين، وكان شيخ خراسان في زمانه".
***
بر الأب:
جاء في "البر والصلة"، و"بر الوالدين" لابن الجوزي:
"عن المعلي بن أيوب قال: سمعتُ المأمون يقول: لم أر ‌أبر ‌من ‌الفضل ‌بن يحيى البرمكي بأبيه، بلغ من برِّه بأبيه أن يحيى كان لا يتوضأ إلا بالماء الحار، وكانا في السجن معًا، فمنعهما السجّانُ من إدخال الحطب في ليلة باردة، فقام الفضل حين أخذ يحيى مضجعه إلى قُمقم كان بالسجن، فملأه بالماء وأدناه من المصباح، فلم يزل قائمًا وهو في يده حتى أصبح.
وحكى غيرُ المأمون أنَّ السجّان فطن لارتفاقه بالمصباح في تسخين الماء، فمنعَهم من الاستصباح في الليلة القابلة، فعمد الفضلُ إلى القُمقم مملوءًا، فأخذه معه في فراشه وألصقَه بأحشائه حتى أصبح وقد فتر الماءُ!".
***
بطون الكتب:
جاء في "إتحاف السادة المتقين" للزَّبيدي (10/355): "وكان عبدالرحمن بن أحمد [كذا، والصواب: محمد] بن الأشعث قد دعا إليه [إلى الحسن المثنى بن الحسن السبط] وبايعه، فلما قُتل عبدالرحمن توارى الحسنُ حتى مات".
قلت: ولم أر هذا الخبر في كتب التاريخ التي تناولتْ حركة ابن الأشعث، وكم في بطون الكتب غير المظان مِن أسرار وأخبار!
***
يراجِعون الكتب بعد موتهم!
قال محققُ كتاب "كشف المغطى في تبيين الصلاة الوسطى" للحافظ الدمياطي (ت: 705) عن (النسخة المخطوطة) التي أخرجَ الكتابَ عنها (ص9):
"كُتبت سنة (879). ومِنْ توفيق الله لنا أنَّ النسخة التي اعتمدناها جاءتنا بعد أن راجعَها المُصنِّفُ، وأضافَ إليها الكثيرَ في صورة حواشي وتعليقات".
أقول: كيف يُراجِعُ الدمياطي المُتوفى سنة (705) النسخةَ التي كُتبتْ سنة (879)، أي بعد وفاته بـ (174) سنة؟!
وما الفرق بين الحواشي والتعليقات؟
وإذا رجعنا إلى الأنموذج الذي نشره المحققُ من المخطوطة -وهي بخط محمد بن أحمد القرشي اليونيني- نجد: (حـ بخط المُصنِّف رحمه الله)، وهذا يعني وجودَ حواشٍ في الأصل -وهو نسخةٌ منقولةٌ من نسخةٍ قرئتْ على المُصنف- وقد نقلها اليونيني المذكورُ إلى نسختهِ مترحِّمًا على المُصنِّف.
***
حول رجعة المرأة المطلقة:
جاء في "تكملة المجموع":
"تصح الرجعة من غير ولي، وبغير رضاها، وبغير عوض، لقوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) فجعل الزوج أحق بردها، فلو افتقر إلى رضاها لكان الحق لهما.
1-ولا تصح الرجعة إلا بالقول من القادر عليه. أو بالإشارة من الأخرس. فأما إذا وطئها أو قبّلها أو لمسها فلا يكون ذلك رجعة، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو. وبه قال أبو قلابة وأبو ثور.
2-وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري وابن سيرين والاوزاعي وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وبعض أصحاب أحمد: تصح الرجعة بالوطئ، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو، وقال أبو حنيفة: إذا قبلها بشهوة أو لمسها أو نظر إلى فرجها بشهوة وقعتْ به الرجعة.
3-وقال مالك وإسحاق: إذا وطئها ونوى به الرجعة كان رجعة، وإن لم ينو به الرجعة لم يكن رجعة".
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


الصواب في اسم الراوي المذكور في فقرة: بر الأب: المعلى لا المعلي.