مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب). (14)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


08/05/2022 القراءات: 1157  


العالم المتواضع:
قال الإمام الفضيل بن عياض: "إن الله تعالى يحب العالم المتواضع، ويبغض العالم الجبار، ومَن تواضع لله ورثه الله الحكمة". الفقيه والمتفقه (2/230).
وقال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 458): "ومن التواضع المتعين على العالم أن لا يدَّعي ولو بحق، وقد قيل: لسان الدعوى إذا نطق أخرسه الامتحان. وقال الشاعر
ومن البلوى التي ليـ ... ـس لها في العلم كنهُ
أنّ من يحسن شيئًا ... يدّعي ‌أكثرَ ‌منهُ".
ويقول المربُّون: الدعوى بلوى ولو صحت.
***
نعوذ بالله من الخذلان:
قال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" (4/ 160):
"ومن شعر أبي علي التنوخي في بعض المشايخ وقد خرج يستسقي وكان في السماء سحاب، فلما دعا أصحت السماء، فقال أبو علي:
خرجنا لنستسقي بيُمن دعائه … وقد كاد هدبُ الغيم أنْ يلحف ‌الأرضا
فلما ابتدا يدعو تكشفت السما … فما تمَّ إلا والغمامُ قد انفضّا!
ولبعضهم في المعنى وهو أبو الحسين سليمان بن محمد بن الطراوة النحوي الأندلسي المالقي في هذا المعنى:
خرجوا ليستسقوا وقد نجمتْ … غربيةٌ قمنٌ بها السحُّ
حتى إذا اصطفوا لدعوتهم … وبدا لأعينهم بها رشحُ
كُشف السحابُ إجابةً لهم … فكأنهم خرجوا ليَستصحوا!»
***
الذهبي ينقل من "الفنون" لابن عقيل:
قال في "تاريخ الإسلام" (11/ 207-208):
"‌ولابن ‌عقيل ‌في "‌الفنون" قال: الأصلحُ لاعتقاد العوام ظواهر الآي؛ لأنهم ما يثبتون بالإثبات [كذا]، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة، فتهافتُهم في التشبيه أحبُّ إليَّ من إغراقهم في التنزيه؛ لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، ولا طمع ولا مخافة في النفي. ومَن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أو يضحك ربنا؟ قال: نعم. فلم يكفهر لقوله، بل تركه وما وقع له".
***
من كتاب "مئة طريقة للتحفيز":
- استمر في التفكير.
- إن إرهاقك ليس سببه ما تفعله، إنما ما لا تفعله. ص 41.
- عادةُ المتفائل: البحثُ عن حلول جزئية. ص 145.
- يميل المتشائمون إلى إرجاء مشاكلهم، فهم يفكرون بشكل سلبي للغاية في فعل الشيء كله بإتقان، لينتهي بهم الأمرُ إلى عدم فعل شيء أي شيء. ص 146.
- كل مشكلة تحملُ بداخلها هدية. ص 154.
***
اغنَ بالخالق:
روى ابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب" (6/ 129) بإسناده إلى القاضي أبي بكر بن كامل قال: أنشدني عبدالله بن ابراهيم وذَكرَ أنه للحسين بن علي:
اغنَ عن المخلوق بالخالقِ … تغنَ عن الكاذبِ والصادقِ
واسترزق الرحمنَ من فضلهِ … فليس غير الله مِن رازقِ
مَن ظنَّ أنَّ الناسَ يغنونه … فليس بالرحمن الواثقِ
أو ظنَّ أنَّ المالَ مِن كسبهِ … ‌زلّت ‌به ‌النعلان ‌مِن ‌حالقِ".
***
المؤلفات في مناقب الشافعي:
قال ابن الملقن في "العقد المذهب": "إن التآليف في مناقبه تبلغ نحو أربعين مؤلفًا فأكثر".
قلتُ: منها: لابن أبي حاتم، والبيهقي، والفخر الرازي، وابن كثير، والجعبري، وابن حجر العسقلاني.
***
تنقيح العلم:
قال القفطي في ترجمة الميداني (ت: 518) في «إنباه الرواة على أنباه النحاة» (1/ 156):
أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفضل الميداني النيسابوري.
إمام أهل الأدب في عصره. ويقال له الميداني، لأنّه سكن المحلّة بأعلى ميدان زياد بن عبدالرحمن، وقد اشتهر بأدبه، وعُرف في البلدان بتصانيفه الحسان المشهورة. قرأ الأصول وأحكمها، ثم أخذ في التصنيف، فأحسن كلّ الإحسان فيما جمعه وصنّفه، وأربى على مَن تقدّم بالترتيب والتحقيق، واستدركَ على ‌بعض ‌مَن ‌زلَّ قبله من المُصنّفين، وأصلحَ مواضع الغلط".
***
الدنيا:
قال الشيخ محمد نور سيف المهيري من قصيدة:
ألا إنما الدنيا سرابٌ بقيعة ... وطيفُ خيالٍ عند مَن عقل الأمرا
تغرُّ الورى حتى إذا ما توسطوا ... بلجة بحر الهُلك أظهرت الغدرا
وما هي إلا مسلكٌ نحو غايةٍ ... هي النعمة العظمى أو النقمة الكبرى
فمنها خلقناكم وفيها نعيدكم ... ونخرجكم منها غدًا تارةً أخرى
***
شرحٌ مدلل:
قال العلامة قاسم بن قطلوبغا في كتابه "تاج التراجم" (ص91):
" إبراهيم بن يوسف روى عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة رحمه الله قال: "‌لا ‌يحل ‌لأحد أنْ يفتي بقولنا مالم يعرف من أين قلناه".
قلت: وهذه الرواية هي التي حملتني على شرحي للقدوري، الذي ذكرتُ فيه مِن أين أخذوا علمهم".
أقول: فليُطلب هذا الشرح فهو مهم.
***
وعن جميع الأسارى:
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (2/ 14):
"عن أبي رافع قال: وجه عمر جيشًا إلى الروم، فأَسروا عبدالله بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد.
فقال: هل لك أن تتنصر، وأعطيك نصف ملكي؟
قال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ملك العرب ما رجعت عن دين محمد طرفة عين.
قال: إذن أقتلك.
قال: أنت وذاك.
فأمر به، فصُلب، وقال للرماة: ارموه قريبًا من بدنه.
وهو يعرض عليه، ويأبى، فأنزله، ودعا بقدر، فصب فيها ماء حتى احترقت، ودعا بأسيرين من المسلمين، فأمر بأحدهما، فألقي فيها، وهو يعرض عليه النصرانية، وهو يأبى، ثم بكى.
فقيل للملك: إنه بكى.
فظن أنه قد جزع، فقال: ردُّوه. ما أبكاك؟
قال: قلتُ: هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفسٌ تلقى في النار في الله.
فقال له الطاغية: هل لك أن تقبِّل رأسي، وأخلي عنك؟
فقال له عبدالله: وعن ‌جميع ‌الأسارى؟
قال: نعم.
فقبّل رأسه، وقدم بالأسارى على عمر، فأخبره خبره.
فقال عمر: حق على كل مسلم أن يقبّل رأس ابن حذافة، وأنا أبدأ.
فقبل رأسه".
وهذا السعي لتخليص الأسارى كلهم وعدم الاقتصار على النفس في مثل هذا الموقف هو الفخر الذي ما بعده فخر. رضي الله عنه.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


صواب العجز الثالث في فقرة: اغن بالخالق: فليس بالرحمن بالواثق.