التعليم الحديث وشبح الامتحانات
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
23/04/2023 القراءات: 978
تشكِّل الاختبارات والامتحانات في التعليم المدرسي عاملَ خوفٍ ورعب للطلاَّب، بل ولأسرهم أيضاً؛ لأنها مرتبطة بالمصير المستقبلي الذي يحدد اتجاه الطالب. وقد ازدادت الضغوط مع النظام التعليمي الجديد 2.0 الذي يقتضى أن يمر الطالب في كل فصل دراسي بامتحان كل شهر وآخر للمهام الأدائية وأخير نهاية الفصل الدراسي، بواقع أربع امتحانات في الفصل الدراسي الواحد، وثمانية في العام الدراسي القصير جدا، بحيث لا يكون مبالغا من أطلق عليها وزارة الامتحانات والقيد، بدلا من التربية والتعليم.
وحدث ولا حرج عن الضغوط المتراكمة بعضها فوق بعض التي يتعرض لها الطالب وأسرته؛ لأن مصير الطالب يتحدَّدُ في غالبيته بحسبِ أوراق ولحظات بسيطة جداً من حياته في المدرسة، بغض النظر عن حالته حينها من حيث المرض، أو القلق، أو الخوف، أو ما قد يواجهه من مشكلات أسرية، أو..، كل ذلك لا تراعيه الامتحانات المهم هو الإجابة داخل الورقة، والتي لا تقيس سوى الحفظ والاستظهار، ولا تعبأ بالمستويات العقلية الأخرى كالفهم والتحليل والنقد، ولا بغيرها من المستويات الوجدانية، ولا المستويات المهارية. وفي النهاية لا ينجو من هذا الإحباط النفسي والإرهاق البدني إلا ذو حظٍّ عظيم...!
وهذا ما جعل دولة مثل فنلندا التي تصدرت التعليم في العالم ومازالت تقضي على شبح الاختبارات، وكانت هذه السياسة هي واحدة من عوامل نجاح نظامها التعليمي وتفوقه على جميع أنظمة التعليم العالمية، فقد حددت دور المدرسة في مساعدة كل طالب لفهم المادة داخل الصف، دون ملاحقة الطالب بالامتحانات الطويلة والقصيرة والمفاجئة، أو مواسم الرعب النهائية.
إن إقبال الطالب على التعليم بنفس راضية، وعقل قنوع، وبدن دؤوب غير ملول، مرهون باطمئنان الطالب في يومياته الدراسية، أمّا التشديد والتهديد والوعد والوعيد بالاختبارات، فله عواقب انسحابية خطيرة، ابتداءً بمشاعر التوتر والقلق، مرورًا بالضغوطات النفسية الحادة، وصولًا في حالات مؤسفة إلى المفاصلة بين التعليم أو الحياة، وكأنّ التعليم مناقض للحياة.
وهنا يأتي الدور المصيري للأسرة والمعلمين والإعلام في تخفيف حدة الضغوط وإزالة الخوف والرهبة عن الطلاب، فلا تحسبوه هينًا فهو والله عظيم، فكثيرا ما يكون الطالب واعياً للدرس ولكن رهبة الاختبار والخوف منه كانت سبباً في انخفاض مستواه أو درجاته ...
حاسبوا أبنائكم على جدهم واجتهادهم في الأخذ بالأسباب فالجهد منهم والتوفيق من الله.
محمد سلامة #الغنيمي
#رؤية_لإصلاح_التعليم
#رؤية_للنهوض_الحضاري
تعليم، تربية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة