مدونة الشيخ ابراهيم آكيه


خاطرة حول المناقب والتاريخ ومنهج النقد والتحقيق

الشيخ ابراهيم آگيه | Sheikh ibrahim akih


15/04/2022 القراءات: 1996  



يلاحظ المطالع للكتابات النقدية حول مايسطره المؤرخون أن نقاد هذا الزمان يرفضون كثيرا بعض ماتكتنفه كتب الأمس من روايات وحكايات ترفضها عقولهم لايجدون لها نظيرا ولامشابها في واقع حياتهم اليوم؛ ومن الأمثلة علي ذلك مناقب الأولياء والصالحين ومن ألطف ماقرأته حول رصد المؤرخين لهذه الظاهرة النقدية ماكتبه محمد المختار السوسي في كتابه المعسول حيث يقول:
" .... ثم إنني ابن زاوية وابن بيئة أمس مومن بالروحيات الصادقة . فأقبل خرق العادة إن صح أن ذلك واقع ولذلك يعذرني من ليس له هذا الإيمان إن وجد في بعض التراجم من الكتاب مثل ذلك فله دينه ولي ديني
نحن بما عندنا وانت بما. عندك راض والرأي مختلف"
ثم يتوسع السوسي في شرح موقفه هذا من مسألة إيراد المناقب ومسائل خرق العادة وغير ذلك من المعلومات المتنوعة من حيث المصادر ومن حيث الاختصاصات في كتابه قائلا:
فليعلم المطالع لهذا الكتاب بأجزائه العشرين أنه سيخوض فيها أخبار الفقهاء والأدباء والرؤساء والصوفية وكل مايعن من أحوال البادية وسيكون كالداخل إلى السوق التي تجمع كل شيئ فالياخذ مايعجبه واليعرض عما لايعجبه فإن مالايعده إلا شيئا تافها إن كان لايذوق حلاوته قد يكون إزاءه قارئ آخر لايعجبه هو إلا ذلك فالكتاب كما يقولون كالمائدة الطافحة بانواع الأطعمة ياكل كل واحد منها مايشتهيه فمن ليس بأديب لايرتاح للأدب ومن ليس بفقيه لايرتاح لأحوال الفقهاء ومن ليس بصوفي يستنكر حتي ماهو حق من احوال الصوفية ، نعم إن من يكون مؤرخا يريد أن يستنتج يفرح بكل شئ ولو الخرافات فضلا عن الحقائق"
فالسوسي وإن كان في منهجه هذا يقمش ولايلتفت إلي غربلة المعلومات إلا نادرا فإنه فيمايبدو لم يغب عنه التدقيق والنظر حسب منهج النقد الخلدوني للأخبار وقياسها علي أحوال الحاضر يتضح ذلك من قوله في إحدي فقرات كلامه السابق " أقبل خرق العادة إن صح أن ذلك واقع " مما يعني انه لايغفل بذل الجهد في التحقيق في صحة وقوع خرق العادة فيما يتلقاه من أخبار وروايات عن مناقب الأولياء والصلحاء ولايسطر إلا ماثبت لديه بالدليل القاطع أنه وقع وبالتالي هو من حيث المبدإ يقبل بالمناقب ويسلم بها ولكنه يدقق في تفاصيل الروايات حولها حتي يدونها علي النحو الذي ثبت لديه أنها وقعت عليه وهنا نرصد الفرق بين الشك من أجل التثبت والوصول إلي اليقين والشك لالشيئ سوي الشك الأول منهج تحقيق اصيل والثاني منهج الغاء وإقصاء وتحييد للحقائق دون دليل يقصيها وقد تتحكم فيه التوجهات المغرضة


المناقب، التاريخ، التاريخ النقدي ، التحقيق في الكتابة التاريخية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع