مدونة عبد الجليل التوزاني


الخيال الديدكتيكي لدى المعلم المبدع 2

عبد الجليل التوزاني | Touzani abdeljalil


07/03/2021 القراءات: 577  


الخيال الديدكتيكي وإنجاز الدرس:
كثيرا ما يشتكي المتعلمون من رتابة حصص الدروس، ومن الطريقة الخطية في إنجازها، ومن صعوبة فهمهم لمضامينها. هذه الشكوى جعلت الكثير من الفاعلين يتساءلون عن السبب وراء نفور المتعلمين من المدرسة والتعليم، وعن جدوائية ما يقدم لهم من مضامين في ظل واقع يتسم بالتغير السريع، وفي الوقت نفسه لا تجد هؤلاء المتعلمين يشتكون من حصص تظهر فيها سمات الإبداع والخيال الديدكتيكي، إذ يستمتعون بها وتشرئب أذهانهم لحضورها، وتستمتع أفهاهم وذواتهم فيها. لأن الدروس فيها لا تمر بالطريقة الخطية الوحيدة المسير والأحادية السير، بل تتسم بالتنوع والتنويع وتستجيب لحاجياتهم وميولاتهم وتطلعاتهم، ويجدون فيها ذواتهم حاضرة فكرا وممارسة وسلوكا، وفي كل نشاط تربوي من أنشطة هذه الحصص الدراسية يحسون بمعنى المدرسة ومعنى الدراسة ومعنى الحياة المدرسية.
الخيال الديدكتيكي وتصريف التعلمات:
قد يشتكي الكثير من الآباء والأمهات، ومعهم أبناؤهم من التلاميذ والتلميذات، من جدوائية تدريس بعض المضامين التي قررها المنهاج في مختلف المواد الدراسية، فيتأففون من بعض القواعد الجافة للغة، ومن بعض مؤلفات التدريس أو من بعض العمليات التجريدية والمسائل التفكيرية، لذلك يصنفون المواد الدراسية إلى مواد محبوبة في مقابل أخرى مذمومة، أو إلى مواد دراسية سهلة في مقابل أخرى صعبة، وقد يكون التصنيف ماديا مرتبطا بسوق الشغل فتصنف المواد الدراسية إلى مواد ذات منفعة وأخرى زائدة لا طائل من ورائها. هذه التصنيفات ليست من الحقيقة في شيء فكل المواد الدراسية تحمل قيما خاصة تفيد المتعلم في تشكيل وعيه الفردي والسلوكي، وكلها تحمل مهارات متنوعة تسعف المتعلم في امتلاك الكفايات الكونية والمهارات الحياتية المستجدة.
إن الإبداع في تصريف التعلمات وفي طرائق نقل المهارات للوصول إلى الأهداف، من أوكد الطرق لتجاوز التصنيفات السالفة، فالخيال الديدكتيكي يحول دون تصنيف المتعلمين لمادة دراسية ما إلى كونها غير ذات أهمية، إنه يفعل ذلك فقط عندما يحس بالجفاف والجفاء، ومن جهل شيئا عاداه كما قيل. أما إذا أحس بذاته تتجول وسط الكم المعلوماتي والعملياتي المتردد في حصة الدرس فلن يتأفف ولن يحس بالغربة حتى وإن كان المدروس ينتمي إلى قرون غابرة فإنه يأخذ منه ما يفيد ذاته وينور فكره وينمي قدراته في أيامه الحاضرة. وقد يكون المأخوذ قيمة ماثلة، أو مهارة هائلة، أو سلوكات صائبة، أو أفكارا ثاقبة.
إن الخيال الديدكتيكي للأستاذ يجعل لكل شيء جدوى، ويضفي على كل لحظة دراسية معنى، فيجعل لكل خطوة حياتية مغزى. وهذا الخيال ينتقل من المعلم لمتعلميه فيجعل منهم شبابا يقرأون فيفهمون، ويسألون فيميزون، ويبحثون فيدققون، وينتجون فيبدعون.


الخيال الديدكتيكي - المعلم المبدع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع