مدونة الشيخ ابراهيم آكيه


رأي حول المقاومة في موريتانيا

الشيخ ابراهيم آگيه | Sheikh ibrahim akih


18/03/2025 القراءات: 17  



يثار نقاش كل عام حول المقاومة في موريتانيا ، فالبعض يرى أن ماحدث في موريتانيا لايمكن تسميته مقاومة لتعدد بواعثه ولوجود وثائق فرنسية توثق العديد من حالات التعامل مع الفرنسيين في السر والعلن تفسر أن اغلب الموريتانيين كانت مقاومتهم عبارة عن ردود افعال ممتعضة من سياسة الفرنسيين في تنظيم علاقاتهم مع مختلف الأطراف من قادة إمارات وعشائر وقبائل وكلما قلصت فرنسا من حظوة أحدهم انقلب مقاوما ليعود مهادنا بعد ترضيته بفتات ما يقدم له من اعطيات وإكراميات .
وفي حقيقة الأمر أن مثل هذا الفهم لاحداث ماضي الحقبة الإستعمارية يعد فهما مشوها وسطحيا لحقيقة مادار من احداث ، فالبعض وإن كان يروم انتفاعا ويبحث عن استفادة فإنه أيضا حين دقت ساعة الخطر الداهم واتضحت نوايا الفرنسيين على حقيقتها وتجسد مشروعهم الإستعماري كقوة على الأرض تريد التحكم في مصير البلاد والعباد ثبت مقاوما دون تردد ، وفي كتب الفرنسيين ومذكرات ضباطهم مايثبت بالدليل القاطع أن ماحدث على هذه الأرض هو مقاومة بأرقى ماتكون المقاومة ، فهناك شهداء بالعشرات سقطوا في ساحات معارك معروفة، والعديد منهم لاهم لهم سوى جهاد المخالفين في الملة .

أظن أن على المهتمين بالتاريخ سواء من المتخصصين أو من غيرهم أن يعطوا للأمور تقييما دقيقا لايغمط صاحب حق حقه ولايعطي لصاحب إدعاء ما أدعاه إلا بدليل وحينها ستشكل كل وثيقة تظهر حالة منفردة تصنف فعل من تعنيه دون غيره، وهكذا يكتب التاريخ بتباين مواقف صانعيه وتبدل مواقف بعضهم فالبعض قاوم وظل على مقاومته دون تبديل حتى لقي نحبه ، والبعض قاوم ثم هادن ثم قاوم، ومنهم من هادن وظل مهادنا ومنهم من هادن ثم قاوم .

عموما أرى أنه على الباحثين في تاريخ المقاومة أن يكثفوا جهدهم لجمع رواياتها ، وبطولات أبطالها ، حتى يثيروا باستمرار دفين المقاومة ، كما يثير البعض دفين المهادنة،

ويبقى المؤرخون مطالبون أكثر من غيرهم باستحضار حس المؤرخ كما يراه ابن خلدون ذلك المؤرخ الذي يقيس الماضي على الحاضر ويتصور المستقبل كانعكاس لهما معا ، فنحن نتابع اليوم بطولات الغزيين من الكتائب والحمساويين وغيرهم من مقاتلي الحزب في لبنان سيكتب التاريخ مستقبلا انطلاقا من وثائق تظهر فيها مهادنات أطراف أخرى وتعاملهم مع المحتل وعمالتهم ويقلل من شأن مقاومة المقاومين بناء على تلك الوثائق التي تخص اشخاصا لم يقاسموهم مبادءهم، فقط اشتركوا معهم في نفس الحقبة الزمنية، وبالتالي فإن علينا أن نؤسس على هذا المثال أحوال الماضين ، فماتظهره الوثائق من رضوخ البعض واستسلامه وعدم مقاومته سواء عن عجز او عن قبول او عن عدم توفر امكانات كافية للإنخراط في الفعل المقاوم من سلاح ومناطق إحتماء وغيره، هي حالات تخص من تخصهم ولاتأثر إطلاقا على مقاومة المقاومين ، فكل فريق بنى مبادءه حسب تصوراته وقناعاته والإمكانات المتاحة له ومضى في مساره مقاوما أو مهادنا أو مازجا بين الموقفين حسب تبدل احواله طيلة مسار حياته ، ومهما تعددت بواعث المقاومين فإن كل باعث كانت نتيجته قتال المحتل ورفضه يصنف صاحبه مقاوما فالبعض قاوم لانه كان لديه مشروعا سياسيا رأى في الفرنسيين تهديدا له ولكيان مشروعه والبعض قاوم نصرة للدين ودفاعا عن المال والعرض ، والبعض انفة وشهامة ورفضا للخضوع للغير وللوافد الجديد ، والبعض ربما طمعا في الغنيمة. ومهما كان الباعث فالنتيجة مقاومة لاينبغي التقليل منها .


مقاومة، موريتانيا، استعمار ،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع