مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (198)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


06/07/2024 القراءات: 136  


-الشفاء والعزاء بالآيات الكريمات:
-روى البخاري أن ‌ابن عباس قال: «قدم عيينةُ بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحرِّ بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحابَ مجالس عمر ومشاورته كهولًا كانوا أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجهٌ عند هذا الأمير، فاستأذنْ لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن الحرُّ لعيينة، فأذن له عمرُ، فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمرُ حتى همَّ أن يوقع به، فقال له الحرُّ: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ‌وإن ‌هذا ‌من ‌الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله».
-وجاء في ترجمة التابعية الجليلة "حفصة بنت سيرين" هذا الخبر:
"قال هشام بن حسان: كان ‌الهُذيل بنُ ‌حفصة يجمع الحَطب في الصيف فيقشره ويأخذ القصب فيفلقه. قالت ‌حفصة: وكنت أجد قرة فكان إذا جاء الشتاء جاء بالكانون فيضعه خلفي وأنا في مصلاي ثم يقعد فيوقد بذلك الحطب المقشر وذاك القصب المفلق وقودًا لا يؤذي دخانه ويدفئني. نمكث بذلك ما شاء الله. قالت: وعنده من يكفيه لو أراد ذلك.
قالت: وربما أردتُّ أنصرف إليه فأقول: يا بني ارجعْ إلى أهلك ثم أذكر ما يريد فأدعه.
قالت ‌حفصة: فلما مات رزقَ الله عليه من الصبر ما شاء أنْ يرزق، غير أني كنتُ أجد غصة لا تذهب.
قالت: فبينا أنا ذات ليلة أقرأ سورة النحل إذ أتيتُ على هذه الآية {ولا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمنًا قلِيلًا إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ ولَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلونَ}، فأعدتُّها فأذهب اللهُ ما كنتُ أجدُ". صفة الصفوة (2/ 242).
-وقال القشيري في «الرسالة» (1/ 326): «قال بعضُهم: كنتُ بمكة -حرسها الله تعالى- فرأيتُ فقيرًا طاف بالبيت وأخرجَ مِن جيبه ‌رقعةً ونظر فيها ومَرَّ، فلما كان بالغد فعلَ مثل ذلك، فترقبتُه أيامًا وهو يفعل مثله، فيومًا من الأيام طافَ ونظرَ في الرقعة وتباعدَ قليلًا وسقط ميتًا، فأخرجتُ الرقعة مِن جيبه فإذا فيها: {واصبرْ لحكم ربك ‌فإنك ‌بأعيننا}». قال الديريني في "المقصد الأسنى" (ص: 66) معلِّقًا على هذا الخبر: "فعُلِم أنه كان فقيرًا وكان يكتم سرَّه، ويُخفي فقرَه، واللهُ يفتحُ للنفوس عوائدَ التوفيق، ويفتحُ للقلوب زوائد التحقيق، فبتوفيقهِ يهونُ على النفس المجاهدة، وبتحقيقهِ تصلُ القلوبُ إلى المشاهدة".
***
-هذا الألوسي:
حدثني الأخ الكريم الشيخ ذاكر الحنفي قال: حضرتُ مناقشة رسالة ماجستير في كلية الإمام الأعظم ببغداد في أواخر التسعينات، وكانت تحقيق جزء من "روح المعاني" للألوسي، وكان رئيس اللجنة د. خليل السامرائي، فسأل الطالبَ أن يقرأ نصًّا من القسم الذي حققه من التفسير، ثم قال له: اشرحْ لي ما قرأتَ، فلم يدر الطالبُ ما يقول، فوبَّخه د. خليل، وكان من المناقشين الشيخ عبدالقادر العاني فالتفتَ إلى د. خليل قائلًا بصوت مرتفع: يا دكتور، هذا الألوسي يتكلم، فلا يصعب الفهمُ على طالبٍ فحسب، بل والله يصعبُ عليّ وعليك!
***
-اقرأ سورة يوسف:
حدثني الأخ الكريم سيد أحمد بن جمال نورائي عن الشيخ الدكتور عبدالرحيم عن والده الشيخ محمد علي ابن الشيخ عبدالرحمن الملقب بسلطان العلماء ابن يوسف، أن الشيخ عبدالرحمن كان يزور قبر شيخه الشيخ محمد شافعي ويقرأ عنده سورة يس، فرآه في النوم فقال له: أحبُّ أن أسمع سورة يوسف. فعاد الشيخ عبدالرحمن وقرأ سورة يس، فرآه مرة أخرى وقال: أحبُّ أن تقرأ سورة يوسف. فعاد في الثالثة وقرأ سورة يس ظنًّا منه أنها هي التي جرت العادة بقراءتها، فرآه في النوم وقال له: إن كنتَ تقرأ في بيتك فاقرأ ما شئتَ وأما إذا جئتَ عندي فاقرأ سورة يوسف!
***
-الصيادي ومشيخة الإسلام:
وَصف عدد من الكتّاب أبا الهدى الصيادي بشيخ الإسلام، وهذا غير صحيح، فإنه لم يتول المشيخة، إنما كان رئيس مجلس المشايخ [الصوفية] في إستانبول، كما جاء في ترجمته الرسمية المنشورة في آخر كتابه "التاريخ الأوحد"، وممن وصفه بشيخ الإسلام شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي في تقديمٍ لكتاب "كشف الظنون"، والحمامي في غلاف كتاب "ضوء الشمس في قوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس"، واليعقوبي في "المدخل إلى صحيح البخاري" (ص: 184)
ويَذكر خصومُه أنه كان راغبًا بتولي هذا المنصب ويسعى إليه.
جاء في كتاب "مذكرات تحسين باشا في قصر يلدز" تعريب الأستاذ كمال أحمد خوجة (ص 146-147): "وغاية أبي الهدى هي أن يكون شيخًا للإسلام، فلا يضيع أي فرصة للوصول إلى هذا الهدف". وذَكر قصة في هذا السياق، ختمها بقوله: "لقد صارتْ بيد أبي الهدى أفندي فرصة هامة وثمينة، فكانت إخباريته مؤثرة جدًّا، لكنه لم يقدر أن يصل إلى مبتغاه، وجِيء في الحكومة الجديدة برجل آخر ليكون في منصب شيخ الإسلام". ويُنظر "المعلوم والمجهول" لولي الدين يكن أيضًا.
***
-قرة العين:
جاء في برنامج "خزانة التراث" نسبةُ مخطوطٍ بعنوان: "قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين" إلى أبي الهدى الصيادي، في دار الكتب الوطنية بتونس برقم (979)، و(1587)، وذُكر ثانية بعنوان: "حاشية على قرة العين" في المكتبة المذكورة برقم (3871)، ولم أر هذا في مصادر ترجمته، ولم يذكره هو في قائمة مؤلفاته في كتابه "الفرقان"، وليت أحدًا من أهل تونس يقوم بفحص هذه النسخ.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع