التعليب في ورش التعليم (المدارس)
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
19/08/2023 القراءات: 500
#التعليب_في_ورش_التعليم
لا أقول: بمجتمع بلا مدارس، مثل؛ إيليتش والأناركيين وبعض النقديين، لكن أقول بما قال به جوستاف لوبون وسبنسر وغيرهما: التعليم لا يجعل الإنسان لا أكثر أخلاقية ولا أكثر سعادة، وإنه لا يغير غرائزه وأهواءه الوراثية. إذا ما طبق بشكل سيء فإنه يصبح ضار أكثر مما هو نافع. وقد أكد علماء الإحصاء على هذه الآراء عندما قالوا لنا بأن الجريمة تتزايد مع تعميم نوع معين من أنواع التعليم. وبرهنوا لنا أن أكبر أعداء المجتمع، أي الفوضويين، يجندون غالبا في صفوف الفائزين الأوائل في المدارس. (إذا أخرجت إنسان آلي مجوف من القيم الدينية والوطنية، والمباديء الفكرية، والمهارات الحياتية)
ولا شك أن المدارس غير الجيدة تحول طلابها إلى أعداء للمجتمع، كما أنها تقدم الكثير من المؤهلين لاعتناق الأفكار المتطرفة سواء الإرهابية أو الإلحادية، كما أنها تقدم خريجين ضعيفي البنيان الداخلي الذي سرعان ما يتهاوى أما الغرائز، فيرتكب العديد من الجرائم التي تضرب استقرار المجتمع. أما المدارس الجيدة والمخطط لها والتي تقدم لروادها تعليم شامل متكامل فإنها تزود المتعلم بأنساق قيمية تضبط سلوكياته، وتمده بسياج من المبادئ التي توجه أفكاره وجهتها الصحيحة، كما تنمي مهاراته وقدراته المهنية والحياتية، فيسير خريج هذه المدارس في الحياة مسيرته، لا يرده عدو داخلي أو خارجي.
ويدرك الطالب في ورش التعليب (اقصد المدارس) غير المخطط لها أنه ما جيء به إليها إلا لاستذكار الكتب المدرسية وتعلم أكبر قدر من المعلومات واختزانها؛ لكي يحصل في النهاية ورقة (شهادة) تؤهله للحصول على وظيفة براتب جيد، والخطر الماحق هنا أن المتعلم يزدري وضعه الاجتماعي، فالفلاح يكره الفلاحة والفني يكره مهنته ... فيصبح لدى هؤلاء استعداد للتمرد على المجتمع إذا فشل في الحصول على وظيفة تضعه في وضع اجتماعي أعلى. وفي النهاية تجد هذه الورش ( المدارس ) تخفق إخفاق شديد في تحضير طلابها لإعمار الأرض وإصلاحها من منطلق الأمانة التي كلف الله بها الإنسان واستخلفه بها على إدارة الأرض، بل على خلاف ذلك تخرج جيوش مكبوتة تعاني من صراعات داخلية عنيفة قد تنفجر في أي لحظة وتفسد في الأرض بدلا من أن تصلح.
ومن هنا، أصبح فرض وواجب على المجتمع إعادة النظر في الأنماط التعليمية السائدة في ورش التعليب (المدارس التقليدية) والوقوف وقفة جادة ناقدة ومتصارحة مع النفس، وقفة بمثابة انقلاب على التقاليد التعليمية التي تعودت المدارس عليها منذ إنشاءها ولم تحقق أي هدف من أهدافها؛ لأن وضع المدارس اليوم مذري وينذر بكوارث اجتماعية لا قبل للمجتمع بها، من أجل التغلب على هذه السلبيات الخطيرة التي تهدد حاضر هذا البلد العظيم ومستقبله، هذه الوقفة يجب أن تهدف إلى تحويل المدرسة من مجرد ورشة لتعبئة أذهان التلاميذ بأكبر قدر من المعلومات إلى مؤسسة تربوية تعني بتأهيل طلابها لإعمار الأرض وإصلاحها في مشاركة مجتمعية فاعلة.
#الغنيمي
#رؤية_لإصلاح_التعليم
تعليم ، مدارس
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة