مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو


بحث جامعي يتهم صحيح البخاري بالخرافة!

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


03/05/2023 القراءات: 640  


بحث جامعي يتهم صحيح البخاري بالخرافة!

حينما يتعامل الغرب مع الأمة الإسلامية يسعى مع استعماره، أن يحمل حقيبة أفكاره العفنة ويبثها داخل أوصال الأمة الإسلامية، وله من بني جلدتنا مثقفون ومفكرون لكنهم أيتام الغرب يأتمرون بأمره، ويمضون لتحقيق فكره الذي يراد منه شل الأمة، وقطعها عن تراثها ودينها.
وفي هذه الأيام يتعرض صحيح البخاري لحملة من التشكيك وإثارة الشبهات، مع حالة من الغموض بالنسبة لدوافعها وغاياتها، وكأن هؤلاء الذين تفرّغوا أو فُرّغوا لهذه المهمة قد توصلوا إلى شبهات حول الإمام البخاري، لكننا نجد أن هؤلاء بالعموم لم يُعرف عنهم الاهتمام ببحوث السنّة النبوية، بل ربما يكون الواحد منهم قد بات وهو لا يعرف شيئاً عن البخاري، ثم يستيقظ في الصباح ليمارس شهوته في هذا النقد وهذا الطعن.
ومن هؤلاء صاحب بحث لنيل شهادة الماجستير بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بظهر المهراز في فاس المغرب، حيث عنون لرسالته: “الفكر الخرافي في التراث الإسلامي (صحيح البخاري أنموذجا)! ومؤرخ بالموسم الدراسي 2018/2019م، والبحث كاملاً لا يتجاوز 82 صفحة، ويتكون من فصلين فقط.
الفصل الأول: عبارة عن إطار نظري يتعلق بالعقل العربي والعقل الإسلامي.
والفصل الثاني: يتعلق بموضوع البحث، ويتكون من مبحثين:
والمبحث الثاني منه يتعلق بـ (الخرافة) في صحيح البخاري.
ومن هنا نعلم سطحية البحث ووهنه.
والعنوان كما ترون يحمل إساءة مشينة وواضحة لأحد أعلام الأمة، بل لأصح دواوين السنة النبوية، وهو صحيح البخاري، أصح كتاب يعظمه المسلمون بعد كتاب الله تعلى، وذلك بربطه بالفكر الخرافي في التراث الإسلامي، وهذا الادعاء الباطل هو الذي يرفعه الحداثيون في وجه العديد من الأحاديث النبوية خاصة، والتراث الإسلامي عامة.
والبحث لطالب ينتمي لشعبة اللغة العربية وآدابها، ماجستير: “تحالف الحضارات وحوار الديانات بين الفكر الغربي والفكر العربي الإسلامي”، وهذا مما يثير الاستغراب، فالعنوان غير علمي، إذ ما علاقة شعبة اللغة بتحالف الحضارات وحوار الديانات؟!
الحضارات لا تتحالف، والديانات لا تتحاور، لكن الذي يتحالف ويتحاور هو الانسان، وذلك بناء على مصالحه الخاصة، مصالح شخصية، أو مصالح دولة أو أمة، والدين لا يتحاور بينما الذي يتحاور هو الإنسان في البحث عن المشترك الإنساني.
فهل سيأتينا يوم ونجد من يكتب بحثاً عن الفكر الخرافي في القرآن الكريم؟
أو عن الفكر العلمي الحق في سفر التكوين والتلمود؟!
وحينما تقرأ فهرس موضوعات الرسالة تعرف غثاء مضمون الرسالة، فهي تعكس مدى تطبع البعض مع الفكر الانهزامي الذي وصل إليه العالم العربي بشكل عام، والجامعة المغربية، بشكل خاص.
فكما تكون الهزائم في ساحات الوغى كذلك تكون في حلبات الفكر والمعرفة، والهزيمة - تلك الآفة اللعينة - في هذا الميدان أعظم خطراً وأبعد تأثيراً، إنه تسلل واضح وفعل فاضح.
والتشكيك في صحيح الإمام البخاري استدراج لضرب السنة النبوية برمتها، والخطوة التالية التشكيك بكتاب الله تعالى، إنها خطوات الشيطان، ولكن هيهات هيهات؛ لأن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
ومن هؤلاء من يتضايق جداً من البخاري، لا لشيء إلا لأنه لم يفهم لماذا حظي البخاري بهذه المكانة، ولماذا كان صحيحه أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم، فتراه يتساءل بغضب وانفعال: لماذا هذا الغلو؟ لماذا هذا التقديس؟
هذه التساؤلات يروّج لها الإعلام الغربي الغريب عادة، خذ مثلاً هذه العبارة التي نشرتها (قناة الحرة) العربية على موقعها الرسمي، والتي يرددها أيضاً كثير من الناقدين والطاعنين: "حينما يتم نقد البخاري أمام رجال الدين، فإن أوصالهم ترتعد لأن ذلك سوف يهدم كهنوتهم الديني، الذي يسيطرون به على عقول العامة".
إن البخاري ليس هو من قال: إن كتابي هذا هو أصح الكتب في هذا العلم، وإنما هذه هي شهادة أهل الاختصاص من الأمة على مرّ القرون، فقد أصّلوا أصولاً وقعّدوا قواعد في النقد الشامل والدقيق، بما لا مثيل له في أية أمة من الأمم، ويكفي هنا التذكير بعلم «الجرح والتعديل» الذي ضبط معايير التوثيق والتضعيف، وبحث في كل الرواة بأسمائهم وأنسابهم وصفاتهم ومستوياتهم، دون أن يستثني منهم أحداً مهما كان.
إن استهداف البخاري هو استهداف للسنّة المطهرة، ويقصد به استهداف الإسلام كله، واستهداف هوية الأمة وثوابتها، وأنى لهم ذلك!


الفكر الخرافي، البخاري، التراث الإسلامي، الفكر الانهزامي، السنة النبوية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع