مدونة د. طه أحمد الزيدي


حكم صيام المصاب بالوباء - التوطئة في أحكام الأوبئة

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


28/03/2020 القراءات: 2014  


د. طه أحمد الزيدي / عضو الهيئة العليا للمجمع الفقهي العراقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإنّ الوباء مرض، وإذا قرر طبيب مسلم ثقة أنّ الصيام يضرّ المصاب بالوباء، فإنه يجوز له أن يفطر؛ لأنّه مريض، والمرض من الأعذار التي تبيح الفطر، لقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة:184)، ويلحق به المشتبه بإصابته ويطلب منه شرب ماء باستمرار كإجراء وقائي للحيلولة دون تمكن الفايروس من الوصول الى مجرى التنفس، فضلا عن أخذ العلاج، فهذا يجوز له أن يفطر، ويقضي الأيام التي افطرها عند حصول الشفاء والتأكد من سلامته.
وأمراض الوباء نوعان من حيث رجاء البرء وحصول الشفاء:
- مرض وبائي يرجى برؤه وحصول الشفاء منه، ولكن في الصيام أذى على المصاب ويؤثر في تعجيل الشفاء، فيفطر وعليه بعد حصول الشفاء أن يقضي الأيام التي أفطرها من رمضان ، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة: 185).
- مرض وبائي لا يرجى برؤه، وإمكانية الشفاء منه طبيا معدمة، الا بإذن الله تعالى، وهذا الحكم يثبت بقرار لجنة من الاطباء الموثوق بعلمهم، فلا يصوم ولا قضاء عليه، ولكن عليه الفدية، بأن يطعم عن كل يوم مسكينا، وحكمه حكم الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام، لقول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (البقرة:184)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا)، (أخرجه البخاري، 6/25)، وعنه رضي الله عنهما: (لَا يُرَخَّصُ فِي هَذَا إِلَّا لِلَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ أَوْ مَرِيضٍ لَا يُشْفَى). (أخرجه النسائي 4/190، وصححه الالباني).
قال ابن قدامة رحمه الله: (والمريض الذي لا يرجى برؤه، يفطر، ويطعم لكل يوم مسكينا؛ لأنه في معنى الشيخ ). (المغني لابن قدامة،3/151).
والعبادة شرطها الاستطاعة، لقول الله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) (التغابن:16 )، وقوله سبحانه: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) (البقرة:286 )، والمريض العاجز عن الصيام عجزا تاما ومستمرا لا يرجى زواله، فقد سقط عنه الصيام وانتقل الى بدله، وهو أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم من أيام رمضان أو الصوم الواجب عليه مسكيناً. والله أعلم.


احكام كورونا- احكام الاوبئة- الصيام عند الوباء- صوم المصاب بالوباء- مستجدات الوباء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع