مدونة المهندسة / وفاء فاضل عبد الواحد


قصة طفلة اسمها ألحان وكفاحها

المهندسة / وفاء فاضل عبد الواحد | Wafaa Fadhel Abdul Wahid


14/12/2021 القراءات: 1395  




في أسرة تتكون من بنت وولدين كانت الزوجة تولد في البيت, وبعد ساعات طويلة من العناء بشرت الزوجة بأنها ولدت فتاة بعد أن اطلقت هذه الطفلة صرخة عالية أثناء رؤيتها للنور وكأنها تقول لأمها بهذه الصرخة أعيدينني الى بطنك فأنا لا أريد هذه الحياة ,وعند عودت الزوج من العمل وإبلاغه أن المولودة كانت طفلة قرر تسميتها ألحان بصوت خال من اللهفة لرؤية هذه الفتاة أو حتى الاطمئنان على حالة والدتها الصحية ,فلقد كانت هذه الاسرة تفتقر الى الحب والى الحنان والى التفاهم بين الزوج والزوجة , تلك الطفلة كانت أنا ؛ ألحان .
فتحت عيني للدنيا وقد بدأت أميز الذين هم حولي أي عند بلوغي حوالي السنة كنت افرق أخوتي عن غيرهم فكانت أختي (هدى) تلاعبني دائما , أقصد تلاعبني بالأرجوحة التي كنت أنام فيها وليس بالألعاب فأن بيتنا كان خال من اللعب وكانت تكبرني اختي بأربع سنوات بينما اخي الكبير كان في المدرسة وفي الصف الاول وكان اسمه( هادي) اما اخي الاخر فكان اسمه( زياد )وكان يكبرني بعامين فقط , كان بيتنا صغير جدا حيث انه يحتوي على غرفة واحدة كنا ننام فيها جميعا , أمي وأبي وأنا وأخوتي أضافة الى جدتي لابي وعمتي وكان يقع في منطقة شعبية ولم يكن لبيتنا سياج , وكان بجانبه محل والدي الذي يشتغل فيه عصرا لتصليح بعض الادوات المنزلية المهمة كالبريمز (طباخ نفطي صغير) والحمامات أما في الصباح فكان يعمل في معمل السكر وكان دخله الشهري ضئيل جدا حيث انه لا يكفينا حتى الشهر الذي يليه فكانت تضطر والدتي الى الاشتغال ببعض الاعمال كلف التبغ (ورق السكائر) لزيادة الدخل خصوصا بعد ان ازداد عدد العائلة حيث ان والدتي رزقت بمولود اسمه (عادل ) عند بلوغي السنة الثانية من العمر ثم رزقت بآخر عند بلوغي الرابعة وقد اسميناه (أيمن ) فكانا عادل وأيمن هما فرحتي الاولى في هذه الدنيا القاسية فبدأنا نلعب سوية في الحوش الكبير (المساحة التي امام الغرفة ) وأقول كبير لا نه لم يكن له سياج كما ذكرت سابقا اي انه كان يتصل مع الفناء الخارجي بدون حاجز ثم بعد ذلك كثرة العائلة حيث ان والدتي انجبت ( أسعد ) بعد سنة من ولادة ايمن وعند ولادة اسعد أصبحت اهتم أنا به وأعتني به بسبب مشاغل والدتي الكثيرة واذكر يوما طلبت من أمي أن أرضع أسعد حليب اصطناعي كانت قد أعدته له ووضعته في القنينة المهيئة له وسلمتها لي وذلك لان حليبها لم يعد يكفيه فأردت أن أتذوق طعم الحليب فشربته كله ولم أترك لأ سعد أي قطرة ليسد بها رمقه ولم اكتف بذلك بل أني كافأته بضربه بالإضافة الى الم جوعه لكي يزداد صراخه وكررت ذلك مرارا حيث أني كنت اتظاهر بأني أعتني بأسعد وفي الواقع كنت أعتني بحليبه ولكن هذه المرة كنا نتقاسم الحليب فيما بيننا فنصف القنينة لي والنصف الاخر له ولم يكن دخل ابي يساعد على ان يجلب لنا كمية كبيرة منه لكي نشربها جميعا حيث أن هذه الكمية القليلة من الحليب كان يجلبها ابي لأخي الصغير كانت تؤدي الى خلل في ميزانية الاسرة , وكبر أسعد ورزقت امي بمولود آخر اسميناه ( اسلام ) وكان هو آخر العنقود وعند ولادة أسلام كنت قد بلغت السابعة من العمر أي أنني كنت في الصف الثاني الابتدائي بينما اختي هدى كانت قد بلغت سن المراهقة فتفتحت عيناها للدنيا وتفتحت عيناها للحب , أجل انه الحب الكبير الذي كان في قلب أختي اليافع فأضاف هذا الحب جمالا الى جمال أختي فتوردت خدودها واتسعت عيناها وكأنها فراشة تطير بجناحيها في السماء ولا تحط على الارض فكانت الابتسامة لا تغادر ثغرها بالرغم من كل الظروف القاسية التي كانت محيطة بنا وكانت تنتظر مرور الايام بفارغ الصبر لترى حبيبها عندما يأتي الى بيتنا لزيارة الاهل حيث انه كان ابن عمي وكان اسمه (سالم ) وكنت أرى التغيير الطارئ الذي حل بأختي ولم اكن أدري ما لسبب فلم يكن سني في ذلك الوقت يساعدني لا عرف معنى هذا الذي تحس به أختي وفي أحد الايام كان المفروض أن يزورنا سالم في البيت للاطمئنان على صحة والدي حيث انه كان مريضا في ذلك الحين وكان أخي هادي قد ألتقى مصادفة بأبن عمي في السوق وابلغه بصحة والدي فتأثر كثيرا لهذا النبأ ووعد أخي بزيارتنا في المساء وعند عودت أخي الى البيت أخبرنا بقدوم سالم في المساء فقفزت أختي من مكانها عند سماعها النبأ السعيد وأتت الي في الغرفة وكنت حينها أكتب واجبي المدرسي وأخذت تقبلني بكلتا وجنتي ونظرت اليها ووجدت الفرحة قد تهللت على وجهها الجميل ونظرت الى عينيها فوجدت ان نورهما قد أزداد وكان يضئ الغرفة بأسرها فتساءلت بيني وبين نفسي عن هذا اللغز العجيب وتمنيت لو اني أعرف حله حتى أشعر بهذه السعادة التي تشعر بها أختي وعندما سألتها عن سبب فرحتها هذه بالرغم من مرض والدنا فأخبرتني بأن سالم قادم الى بيتنا وأحسست ان فمها لا يتكلم ولأكنه يزغرد من الفرحة ولم اكن أدري ماذا يعني سالم بالنسبة لا ختي ولكن الفرحة لم تتم حيث انه لم يأت في ذلك المساء ولا اليوم الذي يليه وانتظرنا ثلاثة أيام على الموعد الذي حدده ولم يأت فقلقت اختي أشد القلق عليه ولم تذق عيناها طعم النوم في تلك الليالي الا نادرا ففكرت بطريقة تطمئن بها على صحة سالم وفي اليوم الرابع تفاجأت بأختي تمسكني بورقة صغيرة وتطلب مني ايصالها الى يد سالم فسألتها عن هذه الورقة وعن ما مكتوب بداخلها فنهرتني وقالت لي بأنني ما زلت صغيرة وليس بوسعي أن أسألها عن أي شيء وأن علي فقط ايصالها الى ابن عمي ولا أخبر احد في البيت بها ولا أدع أحد يراني وأنا امسكها بيده ولأنني كنت أحب أختي أشد الحب حيث انها كانت أختي الوحيدة والكبيرة فسمعت كلامها ونفذت أمرها وكم كانت فرحتي كبيرة عندما وجدت سالم هو الذي فتح لي الباب بعد أن طرقته فأعطيته الورقة واخبرته بأنها من هدى فوجدت ان فرحته بها أشد من فرحت هدى نفسها عندما سمعت بنبأ قدومه وأخذ يقرأ الورقة واحتضنها بين يديه وكأنه يقبلها وأدخلني البيت وأعطاني بعض الحلويات مكافأة لي لا نني أوصلت له رسالة من حبيبته والتي علمت فيما بعد ان هدى لم تطلب سوى طلب لرؤيته في بيتنا


قصة طفلة اسمها ألحان وكفاحها


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


وللقصة تكملة سأرفقها لقراءتها كاملة