مدونة د. محمد ناجي عطية


الإدارة في الأمثال الشعبية -كثرة الطباخين تفسد المرق

محمد ناجي عبد الرب عطية | Mohammed Nagi Abdulrab Atiah


27/07/2022 القراءات: 2555  


كثرة الطباخين تفسد المرق بقلم د. محمد ناجي عطية

هذا المثل سمعته كثيرا في بلدي اليمن ويتداول في أكثر من بلد عربي وغير عربي ، ويقال أن اصله إنجليزي ويقال بلفظ: " Too many cooks spoil the broth ".

ويشترك مع هذا المثل في المعنى المثل القائل: "كثرة الأدياك تبطل السحور" ، وكلها تعني :أن المهمة الواحدة التي تكثر عليها الأيادي المنفذة ، أو تتعدد عليها الرؤوس الآمرة ، فأن تلك المهمة يصعب أن تنجز بمواصفاتها، بل قد تكون عرضة للخراب، ويعود ذلك لسببين أساسيين هما :

1- عدم الاهتمام بالدور الاشرافي في الأداء ، والمتمثل بتحميل شخص واحد مسئولية العمل(المحدد) حتى تتم محاسبته على التقصير، مع ما يصاحب ذلك من تعدد الأشخاص المنفذين ، وبالتالي ضياع منهجية التكليف والمحاسبة الذي يؤدي الى ضياع العمل.

2- توفر فرصة للسلبيين لرمي مسئولياتهم (عند الخطأ) على الآخرين بسبب غياب الاشراف والمحاسبة، وهي أقصر طريقة وأسهل وسيلة للتهرب منها، وهذا يفسر سبب تعطيل الأعمال وتأخر الإنجاز ، فضلا عن ضعف الجودة خاصة اذا رافق ذلك غياب المختصين.

وهذا المثل يوافق مبدأين مهمين من مبادئ الإدارة المعاصرة ( لهنري فايول) من مؤسسي الإدارة العلمية الحديثة هما:

1- مبدأ تقسيم العمل:
ويعني أن كل شخص يقوم بمهمة محددة وفق تخصصه و إنجازها يقع على مسئوليته، حتى يحاسب عند التقصير، مع ضرورة وجود هيكل للمتابعة مكون من رئيس ومرؤوس أو آمر ومأمور.

2- مبدأ التوازن بين السلطة والمسئولية :
ويعني أن كل مكلف بمهمة يُعطى من الصلاحيات ما تتناسب مع حجم مسئوليته حتى يتمكن من تنفيذ مهامه بنجاح ، مع وجود نظام للثواب والعقاب .

ولاشك إن مخالفة هذه المبادئ الأساسية تعني ضياع الأعمال، حتى أن مجرد طبخ المرق يفسد، ويبطل السحور في أبسط الأحوال في عالم الناس، نتيجة لاشتراك أكثر من شخص أو جهة في تنفيذ المهمة، فيحصل التواكل في التنفيذ وتوجد فرصة للتهرب من المسئولية. وفي تلك اللحظة يردد الناس (بمرارة ) وبعد فوات الأوان المثل" كثرة الطباخين تفسد المرق" ، أو يقولون " كثرة الأدياك تبطل السحور".


أمثلة /
تخيل معي؛ أربعة طباخين أذواقهم مختلفة وصلاحياتهم متساوية، ومهامهم غير مقسمة بينهم، وهم يطبخون مرقة في قدر واحد كيف ستكون النتيجة.

أو عشرة أدياك كل منها ينادي بوقت مختلف، فمن يصدق الناس ومن يلومون عند الخطأ اذا عقدوا الصيام بعد طلوع الفجر.


وبالمقابل تخيلوا عشرة طباخين تحت المسئولية المباشرة لمشرف واحد يخطط عملهم ويوزع مهامهم ويتابع إنجازاتهم، باعتبار أن نجاحهم أو فشلهم على مسئوليته، كيف ستكون النتيجة، لاشك إنها ستكون النجاح والجودة والسرعة.

ودمتم سالمين///

المزيد في موقعنا https://drmnatiah.com/


الطباخين -يفسد المرق- الازدواجية - الاشراف -المشرف - د. محمد ناجي عطية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع