رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (172)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
29/04/2024 القراءات: 545
-(تطوير دراسة التفسير في ضوء مقالات ابن خلدون):
هذا تعريفٌ ببحثي هذا:
"الناظرُ في مستوى فهم القرآن في العالم الإسلامي يجدُ تراجعًا واضحًا في مستوى هذا الفهم.
والمتابعُ لمناهج تدريس التفسير يجدُ ضعفًا صريحًا، وارتباكًا كثيرًا، وتباينًا كبيرًا فيها.
والنهوضُ بمستوى الفهم لدى المسلمين عامةً وطلابِ العلم (علماء المستقبل) خاصةً مسؤوليةُ الجميع، وكذلك البحثُ عن سبل النهوض.
وإذا رجعنا إلى مقالات العلماء المتقدمين وجدنا بصائر، وحلولًا ومقترحات، ومِن الممكن إذا تبصرنا بها، وأخذنا بمضمونها، واقتبسنا منها أنْ ننهض بمستوى الفهم، ونتخلصَ من أسر الضعف، وعُقد الضعف.
ومن هؤلاء العلماء ابنُ خلدون الذي تكلَّم على علم التفسير كلامًا جيدًا، إذ أرَّخ له، وذكر أنواعَه، وأهمَّ كتبه.
وقد ذَكَرَ في التفسير النقلي مشكلةَ تسرُّب الإسرائيليات، ودلَّ على مَنْ حاول تجنُّبَها وتحرَّى الصحة في النقل وهما ابنُ عطية الأندلسي، والقرطبي.
وذَكَرَ في التفسير اللغوي أبرزَ التفاسير فيها وهو (الكشاف) للزمخشري، ونبَّه إلى ما دخله من الاعتزال، وحضَّ على مطالعته مَنْ كان واقفًا على مذهب أهل السُّنة والجماعة، ليأمنَ غوائله، وذكر ممَّنْ ردَّ عليه العلامةَ الطِّيبي.
(وكلامُ ابن خلدون على تفسير الزمخشري قد يفسِّرُ لنا سببَ بروز تفسير البيضاوي في عهد الدولة العثمانية، وسيُبين البحثُ ذلك).
وفي ضوء هذه المقالات والآراء يُمكننا أنْ نقترحَ منهجًا قويًا موحَّدًا لتدريس التفسير.
ويريد البحثُ أن يقوم بذلك، ومن الله العون".
***
-من شعر الدردير المالكي:
قال الجبرتي في ترجمة الشيخ المذكور في "تاريخه" (2/ 174):
«ممّا سمعتُ مِنْ إنشاده:
مَنْ عاشرَ الأنامَ فليلتزمْ … سماحةَ النفسِ وتركَ اللجاجْ
وليحفظ المعوجَّ مِن خُلْقهم … أي طريقٍ ليس فيها اعوجاجْ؟!».
قلت: جاء في بعض النسخ الخطية مِن تاريخ الجبرتي، وفي «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر» (ص: 187): سماحة النفس وذكر اللجاج. والصواب: وترك اللجاج.
وقد أضفتُ عليهما مشطرًا:
(مَنْ عاشرَ الأنامَ فليلتزمْ) … طلاقةَ الوجه ولُطفَ المزاجْ
وليتخذْ في كلِّ أحوالهِ ... (سماحةَ النفسِ وتركَ اللجاجْ)
(وليحفظ المعوجَّ مِنْ خُلْقهم) … فالناسُ مثلُ الأرضِ فيها فجاجْ
اصبرْ إذا لاقيتَ منهم أذى ... (أي طريقٍ ليس فيها اعوجاجْ؟!).
دبي: السبت (18 من شوال سنة 1445 = 27/ 4/ 2024).
***
-زهدية أندلسية:
قال أبو عثمان سعيد بن أحمد بن عبد ربه (ت: 356):
أمِنْ بعدِ غوصي في علومِ الحقائقِ … وطولِ انبساطي في مواهبِ خالقي
ومِنْ بعدِ إشرافي على ملكوتهِ … أُرَى طالبًا شيئًا إلى غير رازقي
وقد آذنتْ نفسي بتقويض رحلها … وأعنفَ في سَوقي إلى الموت سائقي
وإني وإنْ أيقنتُ أو زغتُ هاربًا … عن الموت في الآفاق فالموتُ لاحقي
يتيمة الدهر (2/ 74).
***
-تنبيه يتعلق بالملائكة:
نشر الشيخ أحمد صالح المليباري: "قال شيخ الإسلام أبو يحيى بن علي المخدوم الكبير: مَنْ عادى ملَكًا فهو كافرٌ، والاستهانةُ بأسمائِهم كُفْرٌ، وبعضُ الجهلةِ على سبيلِ التَّحقيرِ يُشَبِّهُون الظلمةَ بِالزَّبانيَّةِ، وقبيحَ الوجهِ بالمُنكرِ والنكيرِ، والعدُوَّ بِمَلَكِ الموتِ.. وذلكَ كُفْرٌ".
***
-كبِّرْ عليه أربعًا:
عن أبي حفص الأبار عن أبيه قال: كان لي عند ابن شبرمة حاجةٌ، فقضاها، فأتيتُه أشكرُه، فقال: على أي شيء تشكرني؟ قلت: قضيتَ لي حاجة، فقال: اذهبْ، إذا سألتَ صديقك حاجة يقدرُ على قضائها، فلم يبذلْ نفسَه ومالَه فتوضأ للصلاة وكبِّرْ عليه أربعًا، وعدَّهُ في الموتى. تاريخ دمشق لابن عساكر (34/ 307).
وقال يحيى بن خاقان المقرئ: حضرتُ الحسنَ بن سهل وجاءه رجل يستشفع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره، فقال له الحسن بن سهل: علامَ تشكرنا؟! ونحن نرى أنَّ للجاه زكاة كما أنَّ للمال زكاة! ثم أنشأ الحسن يقول:
فُرِضتْ عليَّ زكاة ما ملكتْ يدي ... وزكاةُ جاهي أنْ أُعين وأشفعا
فإذا ملكتَ فجُد فإنْ لم تستطع ... فاجهَد بوسعك كله أنْ تنفعا
"تاريخ مدينة السلام" للخطيب (8/ 287).
***
-من الطرر:
أفادني أحدُ الإخوة الأفاضل ناقلًا، ولو عرفتُ اسم الناشر الأول لذكرتُه:
«هذه طبقات المحدِّثين:
الإمام: هو الذي يحفظ ألف حديث مع سنده.
والحافظ: هو الذي يحفظ ثلاثة آلاف حديث.
والإسناد: [كذا والصواب: الأستاذ] هو الذي يحفظ خمسة آلاف حديث.
والعلاَّمة: هو الذي يحفظ سبعة آلاف حديث.
والحُجَّة: هو الذي يحفظ عشرة آلاف مع سنده.
والحكيم: هو الذي يحفظ خمسة [كلمة ممسوحة]».
مِن طرة مخطوط 337 بمكتبة أحمد باشا كوبريلي.
ملاحظة: هي طرة منقول ولا يلزم صحة المنقول".
قلت: والملاحظة صحيحة تمامًا، وهذا اصطلاحٌ لا يُعرف في مصطلح الحديث.
***
-القرآن العظيم:
قال تعالى: (هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب)، [إبراهيم: 52].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين". رواه مسلم.
وقال شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري (ت: 310): "إني لأعجبُ ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذ بقراءته؟". معجم الأدباء (18/ 63).
***
-تحول حال الإنسان:
قال القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني (ت: 596):
"إني رأيتُ أنه لا يكتب إنسانٌ كتابًا في يومه إلا قال في غدهِ: لو غُيّر هذا لكان أحسن، ولو زِيد كذا لكان يُستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا مِن أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر".
***
-سامحْ واسترْ:
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "ماذا ينفعُكَ أن يُعَذَّبَ أخوك المسلم بسببك؟
وقد قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ أنه لا يحب الظالمين) [الشورى: 40]. "العلل ومعرفة الرجال" (1/ 76).
وفي "فيض القدير" (2/ 175): "ومن يستر على أخيه فضيحة اطَّلع عليها يستُر الله ذنوبَه، فلا يؤاخذه بها".
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة