مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


الاحكام الشرعية للزلازل في الاسلام

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


16/03/2023 القراءات: 1721  


من نعم الله العظيمة على عباده التي يغفل عنها نعمة الاستقرار وثبات الارض(الله الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء)غافر/64أي صالحة للحياة قال ابن عباس أي منزلا في الحياة وبعد الممات الا ان الله يبتلي عباده على قدر الايمان للحديث"فاشد الناس بلاءالانبياء ثم الامثل فالأمثل يبتلى العبد على حسب دينه"ابن ماجةومايصيب الارض من الزلازل والبراكين والعواصف والفيضانات وغيرهامن آياتِ الله الدالة على وحدانيته وربوبيته وعظيم قدرته وكمال تدبيره واستحقاقه للعبادة وحده فليس للطبيعة في ذلك امر ولا قدرة لأنها خلق الله ومااصابنامن ذلك لم يكن ليخطأناوما اخطأنالم يكن ليصيبنااي ان نؤمن بالقدر خيره وشره وهو ما يدل على الايمان قال تعالى(ياايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم)الحج/1وقال(اذا زلزلت الارض زلزالها واخرجت الارض اثقالها وقال الانسان مالها يومئذ تحدث اخبارهابان ربك اوحى لها)الزلزلة/1-5وقال(اذارجت الارض رجاوبست الجبال بسا فكانت هبآء منبثا)الواقعة/4-6أي تحركت الارض وتزلزلت واضطربت وفتت الجبال فصارت كالدقيق المبسوس المبلول واصبحت كالغبار منتشرا ومتفرقا وقد انبأنا نبينا ان الزلازل تكثر ناحية المشرق كالعراق وغيرها فقال"هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان"البخاري
والزلازل التي يبتلي الله بهاعباده فيها تذكير بنعمة الله بثبات الارض وبسطهاوتسويتهاوتمهيدها لاستقرار الخلائق على ظهرها والتمكن من حرثها وغراسها والبنيان عليها والانتفاع بما فيهامن خيرات لقوله تعالى(ألم نجعل الارض مهادا والجبال اوتادا)النبأ/6-7فحكمة الله عظيمة من الزلازل لانهاتذكرنا بيوم القيامة واهوال الآخرة اماكثرتها وشمولها ودوامها فمن علامات الساعة الصغرى واشراطها كما في الحديث"لاتقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج حتى يكثر فيكم المال فيفيض"البخاري والزلازل لها اسباب وحكم ولا تعارض بين السبب والحكمة كماقال تعالى(وكأين من آية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)يوسف/105فمن حكم الزلازل والكسوف والخسوف انها آيات يخوف الله بها عباده حتى يرجعون اليه ويتوبوا(وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)الاسراء/59أمامن اسباب الزلازل التي يخبر بهاعلماء الجيولوجيا ضعف القشرة الارضية في مكان الزلزال او انضغاط البخار في جوف الارض فيزلزل ما قرب منه من الارض وغير ذلك وهذه الاسباب لاتنفي كون هذه الزلازل آيات يخوف الله بها عباده ويحذرهم ويذكرهم بالرجوع الى الله لكن قد يكون هذا التخويف لعقوبة انعقدت اسبابها بالمعاصي ولهذا امر الناس عند الكسوف والخسوف بالفزع الى الصلاة والصدقة والاستغفار والدعاء لئلا تقع هذه العقوبة التي انذر الله بهاوكذلك الخوف من الزلازل ونحوها ايضا مما يدل على انه انذار وتخويف لعقوبات انعقدت اسبابهاوقد يكون من الابتلاءات التي يكفر الله بهاالسيئات ويرفع بها الدرجات وقد يكون عقوبة على المعاصي وقد يكون ابتلاء لقوم وعقوبة لأخرين من نفس البلد كماقال تعالى(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين)البقرة/155وفي الحديث"عجبا لامرالمؤمن إن امره كله خير وليس ذاك لاحد الا للمؤمن إن اصابته سراء شكر فكان خير له وإن اصابته ضراء صبر فكان خيرا له"مسلم فالابتلاء امتحان وهي قد تكون علامة على حب الله له اذ هي كالدواء فانه وان كان مرا الا انه يقدم على مرارته للمحبين ولله المثل الاعلى ففي الحديث الصحيح"ان عظم الجزاء من عظم البلاء وان الله اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضاومن سخط فله السخط"الترمذي لذا فان الله يصطفي برحمته مايشاء من الشهداء بسبب الزلازل كما في الحديث"الشهداء خمسةالمطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله"الشيخان ولقوله سبحانه(وما اصابكم من مصبية فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير)الشورى/30وورد في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي في رواية ليث عن شهر ان المدينة زلزلت على عهد النبي فقال صلى الله عليه وسلم"ان الله يستعتبكم فاعتبوه"وصح ايضاأن الارض زلزلت على عهد عمر حتى اصطفقت السرر فخطب عمرالناس فقال"احدثتم؟لقد عجلتم!لئن عادت لاخرجن من بين ظهرانيكم"البيهقي وجاء في تفسير الطبري ان قتادة"ذكر لنا ان الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود فقال ياايها الناس إن ربكم يستعتبكم فاعتبوه"أي اطلبوا منه ان يزيل عتبه بالرجوع عن الذنوب بالتوبة والاستغفار والانابة
ويستحب الفزع الى الصلاة عند حصول الآيات العظيمة المخيفة المفزعة غيرالمعتادة كالكسوف والخسوف والزلازل والصواعق والعواصف والرياح الشديدة المخيفة المستمرة والفيضانات المدمرة وبياض الليل او سواد النهارونحو ذلك فالصلاة من افضل الاعمال التي تستدفع بها النقم والمحن وهو مذهب الحنفية ورواية عن الامام احمد واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية لان النبي"اذا حزبه امر صلى"ابو داود واختلف العلماء هل للزلازل صلاة تخصهاعند حدوثها؟فذهب بعض العلماء الى مشروعيتهاجماعة كصفة صلاة الخسوف والكسوف فيصليها ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان وهومذهب الحنابلة في الزلزلة الدائمة واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية لكل آية ورجحه الشيخ ابن عثيمين وذهب الشافعية الى استحباب الصلاة للزلزلة منفردين-كصفة سائر الصلوات-مع الانابة والتوبة والاستغفار والتضرع الى الله بالدعاء والصدقة وغيرها ويرخص فيها التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة لمن خاف على نفسه او اهله او من يلزمه او ماله اثناء وقوع الزلزال او بعده ويجوزايضا الجمع بين الصلاتين فيجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ما دام ترك الجمع يشق عليه واستخلاصا لما سلف فان معرفة احوال الطقس والبحث عنها واوقات حدوث الزلازل وتوقع ذلك لايدخل في التنجيم او ادعاء علم الغيب لأنهاتبنى على امور حسية وتجارب ونظر في سنن الله الكونية فتصيب تارة وتخطىء اخرى وليس فيها اعتقاد ان للنجوم تأثير في الاحوال الارضية ولا ينافي ذلك كون ان الزلازل اية من آيات الله التي يخوف بها عباده ليرجعوا الى ربهم ويستقيموا على طاعته والحمدلله رب العالمين


الاحكام الشرعية الزلازل الاسلام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع