خطر تلوث مياه الشرب المعبأة في قوارير بلاستيكية
د. المهدي محمد المكي | Dr. Mahdi Mohammed Almaky
23/10/2020 القراءات: 3320
بلغ هذه الأيام استهلاك مياه الشرب المعبأة في قوارير بلاستيكية عالميا مئات الآلاف من الأطنان المترية المكعبة سنويا. وحيث ان مادة البولي ايثيلين ترفثالاتPET تمتاز بخواصها الكيميائية والفيزيائية التي تميزها دون غيرها من المواد البلاستيكية الأخرى، منها النفاذية البصرية وعدم القابلية للكسر وغيرها، فهي الآن المادة الأكثر استخداما لهذا الغرض. وعلى الرغم من التطمينات التي تشير الى سلامة إستخدام هذه المادة ولو بشكل نسبي مقارنة بمواد بلاستيكية أخرى فان هاجس التلوث البيئي وخطره على صحة الانسان مازال عاملا هاما جعل الأبحاث العلمية تتسابق يوم تلو الآخر في سبيل الكشف عن احتمال وجود أي خطر للكيماويات المحتمل تسربها من المادة البلاستيكية وذوبانها في مياه الشرب. ورغم تأكيد العديد من المنظمات والهيئات البيئية والصحية العالمية على سلامة المواد الأولية الداخلة في تصنيع هذه المادة، غير أن خلاصة العديد من الأبحاث التي أجريت على المياه المحفوظة بقوارير PET تؤكد وجود تلوث للعينات المائية بمواد كيميائية بنسب متفاوتة اعتمادا على ظروف التخزين ومدة التخزين ودرجة الحرارة أو الأس الهيدروجيني للماء أو نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون الذائب في الماء، وغيرها. وتعزى هذه النسب من التلوث الى تسرب بعض المواد الكيميائية التي تستخدم في صناعة هذا البوليمر وهجرتها الى الماء، مثل العوامل المساعدة المستخدمة في تحفيز تفاعلات البلمرة كعنصر الأنتيمون، أو المواد الوسيطة الناتجة أثناء تفاعلات البلمرة مثل BHT، أو نواتج التحلل الكيميائي للبوليمر مثل الألدهيدات والكيتونات، بالاضافة الى المواد المضافة المستخدمة في تحسين بعض خواص البوليمر مثل مثبطات نواتج التحلل الكيميائي، وكذلك المواد الملونة في حال استخدامها. وعلى ضوء نتائج تلك الأبحاث المتباينة في الأزمنة والظروف يظل الجدل قائماً حول سلامة استخدام هذه القوارير المصنعة من مادة البولي ايثيلين ترفثالات أوغيرها من المواد البلاستيكية. وبالإشارة الى وفرة البحوث العلمية في هذا المجال عالميا إلا انه من المؤسف قلة أو ندرة مثل هذه البحوث أو الدراسات في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفي البلدان العربية تحديدا، حيث الاختلاف في الظروف البيئية في هذه البلدان عن ما يناظره في الدول الأخرى وخصوصا ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في معدلات الاشعة فوق البنفسجية Uv radiations كإحدى الانبعاثات الشمسية. بالإضافة الى ارتفاع نسبة الاستهلاك في هذه البلدان وتلازمها مع قلة الرقابة على الأغذية وانعدام الارشادات اللازم اتباعها أثناء مناولة وتخزين هذه المواد وقلة الوعي بخطورتها على صحة الانسان وعلى البيئة بشكل عام. وكخلاصة لهذه المقالة يستلزم الحث على تشجيع البحوث العلمية في هذا المجال بتبنيها ورعايتها وتقديم الدعم المادي والعيني لمساعدة الباحثين في الحصول على نتائج دقيقة ذات قيمة علمية وتطبيقية يمكن الاعتماد عليها في مراجعة وتطوير وتفعيل النظم والقوانين الخاصة بتطبيق المعايير القياسية الوطنية المتعلقة بمياه الشرب المعبأة في قوارير، وكذلك في حل العديد من المشاكل البيئية المتعلق ببلادنا العربية والعالم عموما.
بوليمر، بولي ايثيلين ترفثالات، بلاستيك، قوارير المياه.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع