مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (180)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


04/06/2024 القراءات: 544  


-مجلة تدبر:
حَيّوا معي مجلةَ التدبُّرِ ... مَنْ نهجتْ في البحث نَهْجَ مُبْصِرِ
تَغوصُ في القرآنِ غَـوْصَ ماهرْ ... مُسْتخرِجًا نفائسَ الجواهرْ
تُذكِّرُ الناسَ بهذي المُعجِزَهْ ... ووفَّقَ اللهُ فكانتْ مُنْجِزَهْ
أعدادُها قد قاربتْ عشرينا ... بلَّغَها ربُّ الورى مئينا
قامَ عليها إخوةٌ أبرارُ ... قد أخلصوا في سَيْرهم أخيارُ
يرون هذا عملًا مبرورا ... وسعيَهم في ذا المدى مشكورا
تقبَّل اللهُ من الجميعِ ... وزادَهم مِنْ فضلهِ الوسيعِ
الناسُ هذا اليومَ في امتحانِ ... من النفوسِ ومن الشيطانِ
وفي كتابِ اللهِ خيرُ عصمهْ ... وفيه للناسِ هدىً ورحمهْ
وكلُّ مَنْ بلّغ هذا النُّورا ... كان ولا شكَّ به مأجورا
وهذه مجلةُ القرآنِ ... تدعو إلى اللهِ بني الإنسانِ
تُبصِّرُ الناس بهذا المَصْدرِ ... قد أوضَحتْ مسالكَ التدبُّرِ
يَقودُها بهمةِ الشبّانِ ... شيخانِ في التفسير عالمانِ
عبدان لله محمَّدانِ ... والاسمُ قد دلَّ على المعاني
عبدالحكيم الأنيس
دبي: الأربعاء 21 من ذي القعدة سنة 1445
= 29 / 5 / 2024م
***
-السياق لا السباق:
جاء في كتاب "كنه المراد في بيان بانت سعاد" المطبوع منسوبًا إلى السيوطي خطأ، (تحقيق: مصطفى عليان، ط مؤسسة الرسالة)، (ص: 124): "هول السباق أهون من ألم الفراق".
وعلق المحققُ الفاضلُ على "السباق" بقوله: "في الأصل [وهي نسخة الظاهرية] وبقية النسخ [وهي أربع، مِن دار الكتب المصرية، وبرلين، والرياض] بياء تحتية. وهو تصحيف".
وقد خالف المحققُ النسخَ الخمسَ، وحكم على ما فيها بأنه تصحيف، ولكنْ ما معنى "هول السباق"؟! إنَّ الصواب ما جاء في النسخ كلها وهو: السياق. أي سكرات الموت.
***
-شعر صار نثرًا:
قال السيوطي في "الأشباه والنظائر" الفقهية (تحقيق وتعليق: محمد المعتصم البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1407-1987)، قال في كلامٍ له (ص: 127): "وذكر ابنُ السبكي في "التوشيح" أن والده وقف على رجز له في الفقه وفيه اعتماد هذا الإيراد فكتب على الحاشية: لكنه مع حسنه لا يرد، إذ الكلام في الذي لا يفقد إلا السجود فإذا ما انضم له ترك الجلوس، فليعامل عمله:
وإنما السجدة للجلوس ... وذاك مثل الواضح المحسوس".
قلتُ: كذا جاء، وهذه ثلاثة أبيات، ولكن البيتين الأولين كُتبا بهيئة النثر، والصواب:
لكنهُ مَعْ حُسْنهِ لا يَرِدُ ... إذ الكلامُ في الذي لا يُفقَدُ
إلا السجود فإذا ما انضمَّ لَهْ ... تركُ الجلوس فليُعامَلْ عملَهْ
وإنما السجدةُ للجلوسِ ... وذاك مثلُ الواضحِ المحسوسِ
***
-هذان البيتان ليسا للسيوطي:
جاء في كتاب "الاجتهاد الاستصحابي وأثره في الفقه الإسلامي" للدكتور حسن بن إبراهيم الهنداوي (مؤسسة الرسالة – ناشرون، بيروت، ط1، 1425 – 2004م)، (ص: 212): "إن الإمام السيوطي أشار إلى أن تجديد الدين متوقفٌ على الاجتهاد وتجديده إذ يقول نظمًا:
وحيث وهى ثوب اجتهادٍ فذو العلى ... يقيّض في الدنيا له مَنْ يجددُ
بمن أخبر المختار عنهم وإنهم ... لطائفةٌ بالحق للدين تعضدُ"
وعزا المؤلفُ هذا إلى كتاب "التحدُّث بنعمة الله" (ص: 153).
والحقيقة أن هذين البيتين ليسا له، وهما ضمن قصيدةٍ أوردها السيوطي في كتابه المذكور معزوةً إلى عصريه الشاعر القادري، فقال: "وقال القادري أيضًا مشيرًا إلى هذا الكتاب، وإلى قصة الاجتهاد، وأنشده في "الإملاء":
شجاكَ بربع العامرية معهدُ ... به أنكرتْ عيناك ما كنتَ تعهدُ ..."
يريد السيوطي أن هذا الشاعر القادري قال قصيدة أشار فيها إلى كتابه "فتح الجليل للعبد الذليل"، وإلى ادعاء السيوطي الاجتهاد -وكان ادعاؤه الاجتهاد سنة (888)-،
وأنشد هذه القصيدة في مجلس إملاء الحديث الذي كان السيوطي يعقده في مسجد ابن طولون.
والبيتان المذكوران هما في هذه القصيدة برقم (47 - 48).
***
-من أنواع الجدل:
قال القاسمي في «محاسن التأويل» (4/ 341):
«‌‌لطيفة: قال الخفاجي في "العناية": قيل: رُوي عن عليّ رضي الله عنه أنه نظم أبياتًا على وفق هذه الآية، وفي معناها وهي:
زعم المنجم والطبيب، كلاهما … لا تحشر الأجساد. قلت: إليكما
‌إن ‌صحّ ‌قولكما ‌فلست بخاسر … أو صحّ قولي، فالخسار عليكما
قال الخفاجي: لا أدري من أيهما أعجب؟ الرواية أم الدراية؟ فإن هذا الشعر لأبي العلاء المعرّي في ديوانه وهو:
قال المنجمُ والطبيبُ، كلاهما: … لا تُحشر الأجساد. قلتُ: إليكما
‌إن ‌صحّ ‌قولكما ‌فلست بخاسر … أو صحّ قولي، فالخسار عليكما
أضحى التّقى والشرُّ يصطرعان في الدّ … نيا. فأيهما أبرّ لديكما
طهّرتُ ثوبي للصلاة وقبله … جسدي. فأين الطهر من جسديكما
وذكرتُ ربي في الضمائر مؤنسًا … خلدي بذاك، فأوحشا خلديكما
وبكرتُ في البردين أبغي رحمة … منه، ولا ترعان في برديكما
إن لم تعد بيدي منافع بالذي … آتي، فهل من عائد بيديكما
برد التقيّ، وإن تهلهل نسجه، … خير، بعلم الله، من برديكما
قال ابنُ السيد في "شرحه": هذا منظومٌ مما روي عن عليّ رضي الله عنه، أنه قال لبعض من تشكك في البعث والآخرة: إن كان الأمر كما تقول من أنه لا قيامة، فقد تخلصنا جميعًا، وإن لم يكن الأمر كما تقول، فقد تخلصنا وهلكت. فذكروا أنه ألزمه فرجع عن اعتقاده. وهذا الكلام، وإنْ خرج مخرج الشك، فإنما هو تقرير للمخاطب على خطابه، وقلة أخذه بالنظر والاحتياط لنفسه. مع أن المناظر علي ثقة من أمره، وهو نوع من أنواع الجدل.
وقوله: (إليكما) كلمة يراد بها الردع والزجر. ومعناها: كفّا عما تقولان، وحقيقته: قولكما مصروف لكما، لا حاجة لي به. انتهى.
ومن له معرفة بقرض الشعر، يعلم أنه شعر مولد.
ثم نبّه الخفاجيّ على أن هذا النوع يُسمى استدراجًا ...».
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع