مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
مَتى يَكونُ قَوْلُ (أنَا) مِنَ الشَّيْطَانِ؟ (2)
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
27/01/2024 القراءات: 507
مَتى يَكونُ قَوْلُ (أنَا) مِنَ الشَّيْطَانِ؟
فللقصد والنية دورٌ كبير في جواز قول كلمة (أنا)، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) [أخرجه البخاري ومسلم].
وأما قول الطارق من وراء الباب (أنا) فقط، إجابة لسؤال من سأله بالداخل: مَن أنتَ؟ فمكروه؛ لأنه لا فائدة منه بالنسبة للسائل؛ إذ لم يحصل به التعرف عليه، ولكن لو قال: أنا فلان؛ لانتفت الكراهة لحصول الفائدة بالتعرف على الطارق.
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: (أَتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دَيْنٍ كانَ علَى أبِي، فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقالَ: مَن ذَا؟ فَقُلتُ: أنَا، فَقالَ: أنَا أنَا! كَأنَّهُ كَرِهَهَا) [رواه البخاري برقم: 6250، ومسلم برقم: 2155].
فلما قال جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «أنا»، دونَ ذِكرِ اسمِه؛ وهو خَلْفَ البابِ ولا يُرى، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أنا أنا!»، كأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَرِه مِن جَابِرٍ رضِيَ اللهُ عنه عِندَما سَأَله: «مَن ذا؟» أنْ يكون جَوابُه: «أنا»؛ لأنَّ السَّائِلَ وصاحِبَ المكانِ يُرِيد مَعرفةَ المسؤولِ الآتي من الخارجِ، وقوْلَ: «أنا» لا يُعرِّفُ بالمسؤولِ، والذي يَنبغي أنْ يقولَه: فُلانٌ، أو أنا فلانٌ، كأنْ يقول مثلًا: جابرٌ، أو أنا جابرٌ.
قال النووي في شرح مسلم:
"وإنما كره لأنه لم يحصل بقوله أنا فائدة تزيل الإبهام، بل ينبغي أن يقول فلان باسمه، وإن قال أنا فلان فلا بأس، كما قالت أم هانئ حين استأذنت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَن هذه؟ فقالت: أنا أمُّ هَانِئ، ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به إذا لم يكن منه بدٌّ وإن كان صورة له فيها تبجيلٌ وتعظيمٌ بأن يكنِّيَ نفسه أو يقول: أنَا المُفْتِي فلان أو القاضِي أو الشَّيْخ".
وأخيراً:
عندما انهزم بعض جيش المسلمين في غَزوةِ حُنَينٍ، أقسَمَ البَراءُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما فَرَّ ولا هَرَبَ، وظَلَّ يَقولُ: «أنا النَّبيُّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عَبدِ المُطَّلِبْ» [رواه مسلم برقم: 1776].
ولذلك فقول «أنا» ليس من الشيطان إلا إذا كان القصد به العجب بالنفس والتكبر أو الرياء أو تعظيم النفس.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الكبر والعجب والرياء، وأن يرزقنا الصدق والإخلاص والتواضع.
قَوْلُ (أنَا)، الشَّيْطَانِ، أَنَا أَتْقَاكُمْ، أنا النبي، أنا سيد، أنا أول
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة