يامن إدلبي


دراسة توثيقية تحليلية لمصبنة باب توما في دمشق / الجزء الأول

يامن محمد راتب إدلبي | Yamen Idelbi


19/11/2020 القراءات: 553  


يعد إبراز التراث والاعتناء به أحد أهم الأوجه الحضارية التي تعكس أصالة الشعوب وطابعها الحضاري المميز ويُشكل ذلك مهمة كبرى تقع على عاتقنا نحن كمعماريين كون أننا أول المسؤولين على تاريخ بلدنا الغالي، وحرصاً منا على استمرارية تراث الآباء والأجداد كان من الواجب علينا الاهتمام بالمباني الأثرية وتوثيقها وتحليلها من خلال الدراسات التاريخية والمعمارية والإنشائية، فهي عملية ضرورية وأساسية قبل البدء بأي عمل ترميمي.
تصب هذه الدراسة في إطار عملية التوثيق لهذه المباني الأثرية التي أغفل نصيبها من الدراسة نسبياً، وبالتالي المساهمة في إحياء هذه الأوابد والمحافظة عليها. إضافة إلى عدم وجود أية معلومات عن المصبنة ضمن الجهات المعينة " مديرية الأثار والمتاحف – المحافظة ... "
مقدمة تاريخية :
فتحت سوريا أبوابها للعثمانيين بعد انتصارهم على المماليك في معركة مرج دابق عام 1516م أملاً بالخلاص من ظلم وتعسف الحكام المماليك , وبدأت دمشق صفحة جديدة في تاريخها, حيث أصبحت جزءاً من دولة تختلف عنها باللغة والثقافة والعادات والتقاليد ورغم ما عانت منه دمشق فقد بقيت على صلة بالعالم الخارجي من خلال التجارة التي ازدهرت بسبب شهرة دمشق ببعض الصناعات ومنها صناعة الصابون البلدي التي بدأت في الفترة العثمانية ثم أخذت تختفي شيئاً فشيئاً .
فصناعة الصابون البلدي منتشرة في معظم المناطق التي تشتهر بإنتاج زيت الزيتون, عرفها الأهالي منذ زمن بعيد وباتوا يتقنونها يدوياً لعدم توفر الإمكانيات التي تساعد على تطور هذه الصناعة لتكون ركيزة اقتصادية يُعتمد عليها.
وقد لعبت صناعة الصابون دوراً اقتصادياً هاماً وساهمت في ازدهار الوضع الاقتصادي للسكان , وفي الماضي كان أصحاب المصابن من كبار الشخصيات الاقتصادية والسياسية وكان الأغنياء ينشئون المصابن في الأحياء ويشغلون العمال فيها , وكانت المصبنة تعمل عمل البنوك في يومنا الحاضر, فكان أصحابها يقدمون القروض لصغار التجار والفلاحين ويسترجعون ديونهم عند انقضاء الموسم .
لمحة تاريخية عن مصبنة باب توما:
لم يُعرف تماماً تاريخ بناء المصبنة ولا ملكيتها ولكن من خلال المقارنة ما بين مخططات دمشق من العهد الآرامي حتى العثماني تم ملاحظة ما يلي:
وجود العقار التي بُنيت عليه المصبنة منذ العهد الآرامي, وفي العهد اليوناني أصبحت المنطقة المجاورة للعقار من الشرق عبارة عن ساحة رئيسية للمدينة (آغورا) , ولم يكن في العقار مبنى ذو وظيفة خاصة , وبقيت الساحة على حالها حتى نهاية العهد الأموي .وقد صدر عن المديرية العامة للآثار والمتاحف مخطط لمدينة دمشق يُبين المباني الأثرية والمواقع التاريخية الهامة من العهد المملوكي وحتى أواخر القرن السادس عشر, فنلاحظ عدم وجود مباني هامة خلف الجامع الأموي من الناحية الشرقية, وفي ذلك الوقت لم يكن في المدينة سوى سبع حمامات . مما سبق نلاحظ أن مبنى المصبنة قد تم بناؤه في العهد العثماني ومن المحتمل أن يكون المبنى ملك عائلة الجعفري أو جعفر كون أن دمشق اشتهرت بالصابون الجعفري آنذاك في أول القرن التاسع عشر وبعد انتهاء الاحتلال العثماني عام 1918م أصبح مبنى المصبنة ملك عائلة القباني وقد تم تأجيرها لـ أمين النويلاتي ( أبو رسلان ), عندها أصبح المبنى عبارة عن مستودع مواد بناء وخاصة الرمل وكانت تدعى ( مرملة النويلاتي) .
عام 1931 سُجلت مواصفات المبنى كما يلي :
عقار تم بناؤه من حجر ولبن وهو عبارة عن مصبنة تحوي طابقين , الأرضي يحوي فسحة كبيرة مسقوفة ودرج مبني من الحجر , الطابق الأول مؤلف من أربعة غرف للسكن وخمسة عشر غرفة خراب وفسحة سماوية ومنشر .
ومن هذه الفترة حتى حرب 1973م كان المبنى عبارة عن محلات للصناعات اليدوية , في الطابق الأرضي يوجد محلات ( نسيج – مصبغة – سكاب نحاس ) أما الطابق الثاني فكان مؤلف من محلين فقط ( نجار – محل لصنع المطاط ) وباقي المساحة عبارة عن فسحة سماوية .
- عام 1975م تم استملاك المبنى من قبل وزارة الدفاع ( مديرية الدفاع المدني ) بغرض تحويله إلى ملجأ .
- عام 2005 م تم رفع المبنى من قبل الباحث ( م. يامن إدلبي ) بهدف تقديم دراسة أولية للمبنى ضمن رسالة مقدمه للحصول على درجة الدبلوم في قسم التصميم المعماري.



مصبنة - باب توما - دمشق - متحف صابون


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع