القيادة بالحب منهج حياة المؤسسات
فادي محمد الدحدوح | Fadi M. AlDahdooh
28/06/2020 القراءات: 3442
إنّها الحقيقة الساطعة، كالنهار وضوحاً، والشمس انتشاراً، والقمر صفاءً.. القيادة بالحب؛ أسمى وأرقى أنواع القيادة، ولذلك كانت منهج حياة أعظم القادة الذين حققوا للبشرية ينابيع الخير والضياء، وما أجمل قول أبي الحسن الندوي، رحمه الله، الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام: “أحبّ النبيُّ القومَ بكل قلبه، فأعطوه بكل قواهم”. المؤسسات
إنّها الحقيقة الأكيدة والحاجة الضرورية لمؤسساتنا العربية، ولا سيما في ظلّ الأزمات والكوارث للقيادة بالحب، لتكون منهج الطريق واستراتيجية حياة لمستقبل مشرق، إنّها ومضة إشراقية فاعلة لعلاج أكيد لواقع مرير، تحياه المؤسسات على اختلاف أحوالها وأنواعها وفي مختلف البيئات.
وما كتبته كاثلين سانفورد، مؤلفة كتاب “القيادة بالحب” عندما قالت: “إنّ فشل النظريات الحديثة وتطبيقاتها لا يعود إلى فشل مناهجها وعدم مصداقيتها، بل يعود إلى افتقار القيادة للحب وافتقار القيادة للفطرة والحنان، فالقيادة بالحب بفطرة الأمومة، تشبّه الأم إلا أنّها لا تخلو من ألم ولكن نُبل الرسالة، وعَظمة النتائج، تدفعان الأم إلى المزيد من التضحية والفداء، وتفيض الأم بالدفء والعاطفة ، ولا تبخل على أبنائها بالمعرفة، والتعليم المستمر، ويؤدّي هذا السلوك في المنظمات إلى تطوير الذات، وتفويض السلطات، وتكوين فرق العمل، وإعداد قيادات الصف الثاني، كما وأنّ عطاء الأم لا ينتظر مقابلاً، غاية ما تريده هو إعداد أبنائها لدور مستقبلي ناجح، حتى وإن فاتهم تقدير دورها، فحب الأم غير مشروط وعطاؤها غير محدود.
إنّ حاجتنا لقيادة نحبها في جميع مناحي أعمالنا وظروفنا، أمر بالغ الأهمية، وهو توجّه استراتيجي يجب العمل به وتبنيه بشكل متكامل، وحاجتنا إليها أشد من حاجة الأرض الميتة لماء السماء، فإذا ما وجدناها، اخضرّت قلوبنا، وتفتّقت عقولنا، ونمت أبداننا، لنرتقي بعد ذلك في العلا مرتقاً صعباً ونتبوَّأ من المجد مكاناً عالياً، وتعود المنظمات العربية إلى موقعها الصحيح بكل الريادة والتميز والتفوق.
ووفقاً لروسبيث موس كانتر، مؤلفة كتاب “Confidence and SuperCorp “، تقول: “إنّ بعض الناس يعتبرون قادة، بغض النظر عن المسار الذي اختاروه، لأنّ الطاقة الإيجابية داخلهم تنهض بمن حولهم. وحتى في الأوقات الصعبة، فإنّهم دائماً يجدون وسيلة للنجاح”، والتركيز على الخير فيه تأكيد للقيادة الخيرة التي نستمدها من ثقافتنا وديننا الحنيف، فما بالنا بمنهج القيادة بالحب التي ترسم معالم الخير والنور والسعادة للبشرية جمعاء، ومنهج الإيجابية الكامل الذي يعالج كل مشاكل الأفراد والمؤسسات، ولا سيما في ظلّ الأزمات المتراكمة، والعواصف التي تهب بشكل متتابع على البيئة العربية والإسلامية.
إنّ مقصد وتوجّه القيادة بالحب هو العطاء الذي يرتقي بالعاملين ويرتفع بأدائهم ويهذّب سلوكهم ويزيد تفاعلهم، ولطالما أنّ الحب غير مشروط، والعطاء غير مؤقت، والنمو غير محدود، فإنّ القيادة بالحب طريق للإبداع والابتكار، والإحساس المتوازن، ولأنّ الحب المتوازن هو المصلحة العامة، والمصلحة العامة بالنسبة للقائد المحب هي قول وفعل، وليست شعاراً لفرض سياسات أو تبرير نتائج.
إنّ القيادة بالحب هي المدخل الصحيح لبناء مؤسسات متكاملة ومتوازنة ومرنة ذات مبادئ وأخلاق، وعليه فإنّ الركيزة التامة للقيادة بالحب ترتكز على الدور القيادي للعاملين ورفع مستوى مشاركتهم في التخطيط والتنفيذ والتقويم واتخاذ القرارات، وعلى البعد الاجتماعي والقيم الثقافية للمؤسسات وأهميتها في صيانة رأس المال الاجتماعي.
وأخيراً، يمكنني القول جازماً، إنّ القيادة بالحب في مؤسساتنا يجب أن تتدفق في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات، يجب أن لا تتوقف عند سدود ولا تحدّها حدود.. لنعانق أبواب المجد ونتبوَّأ من المجد مكاناً عالياً، فليس هناك قيادة حقيقية صحيحة سليمة بغير الحب. ال
القيادة، الحب، المؤسسات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مقالة رائعة بارك الله فيكم ونفع بكم و مع اقتناعى بطرح سعادتكم . الا اننى ارى اننا بعيدون جدا عن هذا المستوى الراقي فى القيادة فى عالمنا العربي وفى مؤسساتنا وشركاتنا
الله يبارك فيك أخي الغالي أ.أسامة، بورك مرورك الطيب الرائع، وبالفعل نحن بعيدون كثيرا عن منهج القيادة بالحب للأسف الشديد
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة