مدونة فيفي أحمد توفيق خليل


بحوث الفعل ودورها في تحسين الممارسات التعليمية

أ. د / فيفي أحمد توفيق خليل | Prof .Fify Ahmed Tawfeek Kalil


23/01/2021 القراءات: 7160  


بحوث الفعل - النشأة والمفاهيم :
يُعدُّ البحث التربوي من أنماط البحث العلمي ، حيث تتولى مؤسسات تربوية عديدة القيام به ، وحيث تجعل منه وظيفة رئيسة من وظائفها . ولا شك أنه مع التحول والنقلة المجتمعية سوف يتعاظم دور البحث التربوي أكثر من أي وقت مضى في إيجاد المجتمع المتعلم أو المجتمـع المؤسس على المعرفة .
ومع السعي نحو توسيع دائرة البحث التربوي في مختلف الأنشطة التعليمية ظهر نوعاً جديداً من هذه البحوث التربوية يختلف عن البحث التربوي التقليدي المألوف ، والذي نستطيع أن نحدد ملامح منهجيته البحثية وخطواته بطريقة علمية موضوعيـة صارمة ؛ حيث يقوم به التربويون وفقاً لإطار نظري محدد.
هذا النوع الجديد من البحوث التربوية يُسَمَّى " بحوث الفعل " ، والتي يتم تصميمها و إجراؤها وضبط خطواتها بواسطة المعلم نفسه ، أو بالتعاون مع زملاء يشاركونه المشكلة ، أو العمل بما يحقق التنمية المهنية لهم ، بالإضافة إلى ما يستفيده التلاميذ أنفسهم من التحسن في الأداء في مدرسة فعَّالة .
وقد ازداد شيوع هذا النوع من البحوث بعد أن اُعترف به كمنهجية بحثية يمكن أن تعزز تطور المعلمين من خلال دراستهم لممارستهم بطريقة تؤدي إلى تحسين نوع تعلم الطلبة . إنَّه نوع من بحث تأمل الذات المستخدم حالياً في تطوير المنهج المعتمد على المدرسة والتطوير المهني ، ويُعد هذا النوع من البحوث بديلاً للبحوث التربوية التي اعتاد فيها الباحث دراسة الآخرين ؛ لأن باحث الفعل يقوم بنفسه بدراسة ممارساته التعليمية وبدراسة طلبته ، ويبحث عن سبل تحسين هذه الممارسات من أجل تحسين تعلم طلبته .
هذا وتعود نشأة بحوث الفعل إلـى نهايـة القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، حيث ترجع هذه الأفكار أساساً إلى عالم النفس الاجتماعـي ( كورت ليوين ) الذي يعتـبر أول من صك مصطلـح " بحث الفعل " ، فمن وجهة نظره أن البحث المطلوب للممارسة الاجتماعية هو بحث يؤدي إلى فعل اجتماعـي ولا يكفي أن يكون الهدف النهائي منه هو إخراج كتاب أو صفحات من كتاب ، بل لابد أن يؤدي البحث إلى فعل اجتماعي .
ويُعدُّ جون ديوي أحد أبرز علماء التربية الذين كان لهم دور كبير في تطوير بحوث الفعل أو بحوث المعلمين ، حيث انتقد الفصل التقليدي بين المعرفة والفعل ، وطبق الطريقة العلمية في حل مشكلات التعليم ، وكان يعتقد أن المعلمين في حاجة لاختبار أفكارهم إجرائياً وهم يقومون بالتدريس ، وكان يرى أن شك المعلمين الصحي في طريقة تدريسهم ، تمكنهم من التأمل في ممارساتهم ، وقدم طريقة لتحسين التدريس من خلال التأمل في الممارسات .
ومع بداية السبعينات من القرن العشرين ظهرت فكرة المعلم الباحث كحركة في مجال التعليم الثانوي بالمملكة المتحدة ؛ وذلك من منظور يهتم بألاَّ يقتصر عمل المعلم الممارس في الفصل على مجرد التدريس ، بل يمتد ليمارس عملية البحث أيضاً على اعتبار أنَّه أكثر مَنْ يستطيع تحديد المشكلات التعليمية وإيجاد حلولاً لها ؛ فمن هذا المنظور تصبح العملية التعليمية عملية نشطة ؛ لأنَّ المعلم هو الذي يمارس عملية البحث داخل الفصل عن كيفية إصلاح ممارساته ، وأداء التلاميـذ . وهنا فالمعلم لا يتوقف من وجهة النظر هذه عن ممارسة التقويم المستمر للأداء داخل الفصل وعن طريق النتائج التي يصل إليها يبدأ البحث من جديد عن ممارسات مختلفة أو حلول لما اكتشفه بنفسه من أسباب أدت إلى ضرورة التغيير في الأداء ، وهذا أفضل كثيراً من جهة النظر هذه من التقويم الخارجي لعمل المعلم وأداء التلاميذ.
نحو زيادة فعالية بحوث الفعل واستخدامها في تحسين الممارسات التعليمية - توصيات ومقترحات :
إنَّ بحوث الفعل لتؤدي دوراً مهماً في المجال التربوي في العصر الحالي ، كما أنَّها أصبحت الطريق إلى التنمية المهنية للمعلمين ، وأنَّها أصبحت مدخلاً لتحسين الممارسات التعليمية في المدارس ومعالجة أوجه القصور في عملية إعداد المعلمين ، وهذا لا يحدث إلاَّ إذا اُستخدمت بشكل جيد مع توفير كافة الإمكانات اللازمة لها ، ومحاولة القضاء على معوقات الأخذ بهذه البحوث في مدارسنا .
ولكي يتم ذلك وتحدث الفائدة القصوى من بحوث الفعل في المجال التربوي تعرض هذه الورقة البحثية بعض التوصيات والمقترحات لزيادة فعالية بحوث الفعل واستخدامها في المجال التربوي ومن هذه التوصيات والمقترحات ما يلي :
1- إدراك القياديين لأهمية بحوث الفعل ورصد ميزانية لإجراء تلك البحوث وتوظيفها في تطوير المناهج والتنسيق بين مراكز البحوث والإدارات المدرسية .
2- مشاركة وتعاون إدارة المدرسة والأخصائي الاجتماعي والنفسي وأولياء الأمور والطلاب مع المعلم الباحث .
3- نشر ثقافة بحوث الفعل بين المعلمين وتشجيعهم الدائم على إجراء مثل هذه البحوث .
4- إمداد المعلمين بمصادر تربوية تعينهم على استخدام بحوث الفعل في تحسين أدائهم المهني .
5- تخفيف العبء عن المعلم حتى يتسنى له إجراء مثل هذه البحوث .
6- عقد دورات تدريبية للموجهين والمعلمين لتدريبهم على كيفية إجراء بحوث الفعل والاستفادة منها في تحسين الممارسات التعليمية .
7- غرس الوعي لدى المعلمين بحاجتهم لبحوث الفعل بوصفها السبيل للتنمية المهنية لهم ، والحل لكثير من المشكلات التي يعانون منها في فصولهم ومدارسهم .
8- قيام مراكز البحث العلمي بدور داعم لترسيخ واستخدام المعلمين لمثل هذه النوعية من البحوث .
9- توفير كافة الإمكانات في البنية المدرسية التي تضمن نجاح مثل هذه البحوث وضمان تحقيق


بحوث الفعل - الممارسات التعليمية (اتجاهات حديثة)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع