مدونة أ. د. محمود أحمد درويش


موسوعة رشيد الجزء الأول التاريخ والاستحكامات الحربية (4)

أ. د. محمود أحمد درويش | Mahmoud Ahmed Darwish


21/10/2020 القراءات: 2957  


في عام (1987) بدأت محاولات الوصول إلى القلاع التي تعود إلى عصر محمد علي والتي تمتد من بوغاز رشيد إلى أبي قير، وكان الوصول إلى هذه القلاع من الأمور الشاقة التي تعد ضربا من المستحيل، حيث أن هذه القلاع تقع على ساحل البحر المتوسط مباشرة وموزعة على مسافات تتراوح بين كيلو مترين ونصف إلى أربعة كيلومترات، وتقع في مناطق وعرة تمتد بها كثبان الرمال التي لا تمكن من الوصول إلى هذه القلاع إلا سيرا على الأقدام.
وانتهت المهمة بتسجيل ثلاث عشرة قلعة (طابية) بين بوغاز رشيد وأبي قير ترجع جميعها إلى عصر محمد علي، والتي كانت في حال يرثى لها نظرا لقيام الجيش الإنجليزي بتدميرها عند غزو مصر عام (1881)، كما أن أغلبها يقع على ساحل الحر مباشرة مما كان سببا في سقوط أجزاء منها نتيجة النحر.
في عام (1989) بدأنا حفائر بأول هذه القلاع وهي قلعة العبد، والتي أمكن من خلالها الكشف عن جميع أجزاء القلعة، وتشمل الواجهة الجنوبية والبرجين الواقعين على طرفيها والمدخل والحواصل والمزاغل المزودة بالمدافع، ومن ثم وضعنا عددا من الرسوم التخطيطية التي سيتم عرضها خلال الدراسة.
كان اختيار موضوع الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد راجعا إلى أهمية هذه الاستحكامات الحربية وأهمية المدينة الحربية أيضا. وتُعد هاتان القلعتان (قايتباي والعبد) من أهم عناصر الدراسة التي أجراها المؤلف تفصيليا للمرة الأولى، مما يُعطي هذه الدراسة أهمية تجعلها الأولى من الناحيتين التاريخية والمعمارية حول دراسة الاستحكامات الحربية برشيد، وقد أرفق عدد كبير من الرسوم التخطيطية والمعمارية، كذلك عدد كبير من الصور التي تبرز مراحل الحفائر بهاتين القلعتين وعناصرهما المعمارية، كما تطرق الحديث إلى أسوار المدينة للمرة الأولى والحديث عن قلاع الساحل بين دمياط وأبي قير.
كانت أعمال الحفائر التي قام بها الباحث بداية الطريق لكشف أسرار هذه الاستحكامات مثلما حدث بقلعة قايتباي كنموذج للقلاع المملوكية، وقلعة العبد كنموذج لقلاع محمد علي، وقد ساعدت على إبراز الاستحكامات وتحديد معالمها، وحل جميع رموزها الغامضة، وتحديد جميع الفترات الزمنية التي ترجع إليها.
وتميزت هذه الاستحكامات بخصائص معمارية وحربية فائقة ساعدت على التعرف على التطور المعماري والحربي وتطور العناصر المعمارية والحربية تبعا لتطور الأسلحة وتطور استخدامها، وتتبع التطورات التي مرت على هذه الاستحكامات في العصور التالية مثلما حدث في قلعة قايتباي التي ترجع أصولها إلى فنار الظاهر بيبرس وجددها السلطان قايتباي والسلطان الغوري والحملة الفرنسية ومحمد على، كذالك قلاع محمد على التي أدخلت عليها العديد من التعديلات في عصر إسماعيل، وكان ذلك راجعا إلى تطور الوسائل الدفاعية والأسلحة المستخدمة بهذه الاستحكامات وبصفة خاصة التطور الذي شهدته صناعة المدافع منذ القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر.
كما ساعد هذا الموضوع في دراسة جميع الاستحكامات الحربية في العالم الإسلامي والاستحكامات المعاصرة، ودراسة مدى التأثير والتأثر بين هذه الاستحكامات وتأصيل جميع العناصر بقلاع رشيد، ومحاوله حل الرموز التي شابت هذه الاستحكامات والتي لم تحسم حتى الآن.
لقد كان لزاما الرجوع إلى المصادر والمراجع المتنوعة التي تتعرض للتاريخ الحربي لرشيد والاستحكامات الإسلامية بصفة عامة واستحكامات رشيد بصفة خاصة، والعناصر الحربية والمعمارية وأسلحة الاستحكامات.
لذلك فإن دراسة الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد من العصر المملوكي حتى عصر محمد على سوف تلقى الضوء على التاريخ الحربي للمدينة واستحكاماتها الحربية، إلى جانب دراسة العناصر المعمارية المختلفة وتخطيط الاستحكامات فضلا عن قوات الاستحكامات وأسلحتها.
اتبع المؤلف المناهج العلمية في دراسة الآثار والتي تشمل المنهج الوصفي الاستقرائي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن حيث تضمن الكتاب بالباب الأول دراسة تاريخية وحضارية تهدف إلى تتبع تاريخ المدينة، وتنقسم إلى فصلين تناول أولهما تاريخ رشيد قبل العصر المملوكي ويشمل فترة ما قبل الفتح الإسلامي، وبعد الفتح الإسلامي، والعصر العباسي والطولوني، والعصر الفاطمي، والعصر الأيوبي.
وتناول الفصل الثاني دراسة تاريخية تهدف إلى تتبع تاريخ المدينة، وتنقسم إلى قسمين تناول أولهما تاريخ رشيد قبل العصر المملوكي ويشمل فترة ما قبل الفتح الإسلامي وبعد الفتح الإسلامي والعصر العباسي والطولوني والفاطمي والأيوبي. وتناول القسم الثاني رشيد في العصر المملوكي والعثماني والحملة الفرنسية والحملة الإنجليزية وعصر محمد علي.
وقد ركزت الدراسة التاريخية على الحملات التي تعرضت لها المدينة والتي كانت مدعاة لبناء الاستحكامات الحربية، وتعرضت لأهم غزوتين في تاريخ المدينة وهما الحملة الفرنسية عام (1798م) والحملة الإنجليزية عام (1807م). وتناولت الدراسة بالباب الثاني تاريخ الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد، وتتضمن دراسة تاريخ الاستحكامات المملوكية وهي فنار الظاهر بيبرس وقلعة قايتباي وأسوار رشيد التي أقامها السلطان الغوري فضلا عن قلعة الأمير صلاح الدين بن عرام التي أمكن تحديد موضعها، كذلك أحوال الاستحكامات الحربية في العصر العثماني، وتناولت الأعمال التي قام بها الفرنسيون ومحمد على بقلعة قايتباي، وأحوال الاستحكامات المملوكية في عصر محمد على، وإنشاءه للاستحكامات الأخرى على ساحل البحر المتوسط، وأحوال جميع هذه الاستحكامات حتى عصر إسماعيل.


رشيد - الاستحكامات الحربية - الحملة البريطانية - العصر المملوكي - عصر محمد علي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


بالتوفيق إن شاء الله