جعفر جمعة زبون علي آل جعفر


الخطاب الكوني العولمة (Globalization)

جعفر جمعة زبون علي آل جعفر | Dr. jaafer jumaa ziboon ali


13/07/2020 القراءات: 3700  



الخطاب الكوني العولمة (Globalization)
د. جعفر جمعة زبون علي آل جعفر
- نشأة الخطاب الكوني (العولمة):
إنَّ مصطلح العولمة ظهر في نهايات القرن العشرين، وكانت الفكرة الأساس له هي زيادة التّرابطات الوثيقة بين الدّول أجمع، مثل ترابطات المبادلات في المجال الاقتصادي والخدمي والتّقني ومن سرعة تداول رؤوس الأموال وتوسع بث المعلومات وتسارع تدفقها.
ومن ناتج هذه التّرابطات موضوعا التّأثير والتّأثر بين القيم والتّقاليد والثّوابت الثّقافية بين الأمم، إذ اتخذت العولمة من المساعدات المهمة والطّرائق التّقنية لتداول المعلومة والثّقافة المنفتحة عن طريق وسائل الإعلام والشّبكة العنكبويتية وغيرها سبيلها الأمثل.. معتمدة بذلك على ما تم الإتفاق عليه في إتفاقية (الجات GATT)* ومن خلال هذه الإتفاقية تم إلغاء الحواجز المعرقلة بين الدّول وحتى الشّعوب والأمم والثّقافات وإلغاء الحكر الفكري على المنتجات، وهذا قد فتح الباب لسيطرة الدّول الغربية وأمريكا بالفكر والثّقافة والمنتجات على كل العالم، ونشر ثقافة الحقوق ومنها حقوق الإنسان وحقوق الدّيمقراطية والمواطنة وغيرها.
فالفكر العولمي بأبسط صوره الهيمنة الفكرية الكلّية على العالم، وهذه الهيمنة تتم من خلال هيمنة الدّول المركزية المتسيدة في النّظام العالمي الواحد، مما يزيد من غربة للأقليات والقوميات والعرقيات الأخرى وتضعيفها ، كذلك من خلال محو فكرة الدّولة الوطنية وصياغة ثقافة عالمية موحدة ذات توجه عام لتضمحل مقابلها الخصوصية الثّقافية للدّول، فالنّمط المتسيد الآن هو العولمة الأمريكية أيْ أمركة* (Americanization) العالم وسيادة الفكر الأمريكي على غيره من الأفكار.
بهذا المفهوم والخطاب الجديد للعولمة فإنَّنا نجد البعض متماهياً مع العولمة والآخر مناهضاً لها ونحن نوصي بأنْ يكون تعاملنا مع هذا الخطاب متوسطاً بين التّماهي–الإستجابة- والمناهضة، لأننا نحن المسلمين أو العرب بصورة خاصة لم تكنْ لنا ذات يوم أسلمة أو عوربة أبداً، ولم يكنْ لدينا منهجٌ نقديٌ ذو رؤية واضحة وآليات إجرائية معينة، ما خلا البلاغة وقد استلبت منا وعادت إلينا إسلوبية غربية، فنرجح أنْ تكون الإستجابة مع العولمة تماشياً والواقع العالمي، مع الحفاظ على المرجعيات الثّقافية والتّاريخية والوطنية.
وانطلاقاً من الفكرة القائلة بأنَّ فكرة العولمة هي الهيمنة على جميع الكرة الأرضية فكرياً وثقافياً فمن الممكن أنْ نُرجع نشأة فكرة العولمة إلى مراحل المبادلات الاقتصادية البسيطة بين البلدان أيْ ما يعرف بالمقايضة، أو إلى الاستكشافات التي بدأ الإنسان بها وإنْ كانت بسيطة، أو إلى مرحلة تكون الإمبراطوريات وما جرى من توسع عسكري لهذه الإمبراطوريات على المجتمعات المجاورة أو الإمبراطوريات الأخرى، وكل هذا الكلام يشير إلى الهيمنة والسّيطرة والإخضاع إلى سلطة المحتل وقيمه وثقافته وقد يكون إلى إعتقاداته أيضاً.


العولمة، جعفر، جمعة، زبون، علي،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع