مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
ما بال الكثير اليوم لا يسمعون؟
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
10/12/2022 القراءات: 669
ما بال الكثير اليوم لا يسمعون ، وإذا سمعوا لا ينتفعون ، أفي آذانهم صمم ، أم هم في الأمر متهاونون ، ولأي شيء يجتمعون ، ويقوم فيهم الخطباء المجيدون ، والوعاظ المبلغون ، ويذكرونهم أيام
الله فلا يخشع الوعاظ ولا الموعوظون ، ويرغبونهم في الخير فلا يسارعون ، وينذرونهم عواقب السوء فلا يتأثرون ﴿ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ﴾ لقد كان السلف الصالح إذا وعظوا تأثر المستمع لهم تأثرا عظيما ، وفارق ما عنده من المنكرات والمحرمات ، وفارق من أصر عليها من أقاربه ، وأولاده ، وإخوانه ، وآبائه ، وجدد توبة نصوحا ، عما سلف له من الأعمال ، التي لا يرتضيها الدين الإسلامي ، فأين أولئك من هؤلاء الخلف ، الذين ضيعوا تعاليم الدين الإسلامي ، وضيعوا العمل به ، وتركوا الانقياد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تأمل كيف ترى أكثرهم أضاعوا الصلاة ، وعطلوا الأحكام ، وتساهلوا بأمر الحرام ، يمرون بالمساجد ، وقت الصلاة ، فلا يعيرونها أي اهتمام أما الملاهي والمنكرات فإليها يسرعون وعليها يعكفون وإلى ما فيها من الأغاني والمجون والسخف يتسابقون فإنا لله وإنا إليه راجعون ، أين الخوف من الجبار ، أين الحياء من فاطر الأرض والسماوات ، أين المروءة والاعتصام بالقرآن ، وما كان عليه آباؤكم وأجدادكم العباد الكرام ، الذين كانت المساجد تغص بهم شيوخا وشبانا ، وكانت تعج بأصواتهم تسبيحا ، وتحميدا وتهليلا ، وتكبيرا ، واستغفارا ، وقرآنا ، وكانوا يؤمون المساجد قبل الآذان زرافات ووحدانا ، ولا يتخلف منهم إلا معذور ، إما مريض أو غائب ، أو نحو ذلك ، وكان المار ببيوتهم ليلا يسمع زجل التسبيح ، والتهليل والبكاء والأنين والتضرع إلى بديع السماوات والأرض ، والإلحاح بدعائه ، والالتجاء إليه والإنابة ، عكس ما عليه هؤلاء الخلف ، الذين صدق عليهم قول الله تعالى ﴿ فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ﴾ الذين بحثت عنهم في الليل ، وجدتهم حول الملاهي والمنكرات ، متربعين أمام التلفزيون ، وغناء المطربين ، وإن بحثت عنهم في صلاة الفجر وجدتهم في فرشهم ، إثر سهرهم حول تلك المنكرات ، وإن بحثت عنهم وقت صلاة الظهر ففي شؤون الدنيا ، وما يتعلق بها ، وإن أردتهم في صلاة العصر ، وجدت بعضهم عند الكورة ، والبعض عند التلفزيون ، والبعض عند المذياع ، وأغانيه وملاهيه ، وإن سألت عنهم وقت صلاة المغرب ، وجدت بعضهم يمشي مترددا ، والبعض في الملعب ، والبعض عند التلفزيون ، أو المذياع ، وأما العشاء الآخرة فتلك هم فيها أقسام أكثرهم حول التلفزيون أو في الأسواق ، أو يلعبون ورقة ، أو نحو ذلك من المنكرات وهكذا قتلوا أوقاتهم الثمينة ، وضيعوها ، وقضوا على مستقبلهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أعلم بما أراده بعباده ، قال تعالى : ﴿ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ﴾ والحالة هذه مخيفة لذوي العقول ، والفهوم ، لاسيما وقد توالت أسباب الهناء والراحة ، والسرور ، والاطمئنان ، وقد قيل إذا رأيت الله تعالى أنعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج وروى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك استدراج ثم تلا : ﴿ فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾ » . وقال قتادة : ما أخذ الله قوما إلا عند سكرتهم وغرتهم ، ونعمتهم ، فلا تغتروا بالله ، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون .
وقال ابن الجوزي رحمه الله : الحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئة العواقب ، والحذر الحذر من الذنوب خصوصا ذنوب الخلوات ، فإن المبارزة لله تعالى تسقط العبد من عينه سبحانه ولا ينال لذة المعاصي إلا دائم الغفلة .
فأما المؤمن اليقظان فإنه لا يلتذ بها ، لأنه عند التذاذه يقف بإزائه علمه بتحريمها وحذره من عقوبتها ، فإن قويت معرفته رأى بعين عمله قرب الناهي وهو الله ) .
فيتنغص عيشه في حال التذاذه فإن غلبه سكر الهوى كان القلب متنغصا بهذه المراقبات وإن كان الطبع في شهوته فما هي إلا لحظة ثم خزي دائم وندم ملازم وبكاء متواصل وأسف على ما كان مع طول الزمان .
حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذار العتاب فأف للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء أخبارها انتهى كلامه .
أما آن الرجوع إلى الصفوح
اللهم يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لإغتنام أوقات المهلة ووفقنا لصالحنا واعصمنا من قبائحنا وذنوبنا ولا تؤاخذنا بما انطوت عليه ضمائرنا واكنته سرائرنا من أنواع القبائح .
والمعائب التي تعلمها منا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ما بال الكثير اليوم لا يسمعون؟
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع