مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتعزيز تطبيقها في الشريعة والقانون

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


14/02/2023 القراءات: 2518  


اصبح مفهوم المسؤولية الاجتماعية يترددعلى مسامعناكثيرا في السنوات الاخيرة على السنة العديد من المثقفين والقانونيين والمفكرين وناشطواالمجتمع المدني وكثيرا مايطرق بكافة وسائل الاعلام الاان ملامحه لم تحدد اوتتبلور بصورة واضحة في اذهان البعض من مردديه اومستمعيه اومريديه ولذاينبغي عليناتوضيحه وترسيخه لدى افراد المجتمع والحقيقة ان المسؤولية الاجتماعية اساساهي نظرية اخلاقية تفترض ان اي كيان سواء كان منظمة اوفردا يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل فهي امر ينبغي على الكل الالتزام بها للحفاظ على التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي والاجتماعي
فالمسؤولية الاجتماعية ليست وليدة اليوم بل هي ثقافة اصلية في الاسلام(ولتسئلن عماكنتم تعملون)النحل/93كماحث عليها نبينامحمد صلى الله عليه وسلم بقوله"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"البخاري وقوله ايضا"مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"مسلم فالمسؤولية الاجتماعية في الاسلام تهدف إلى إحداث الوئام الاجتماعي المتمثل في تحقيق التواد والتعاطف والتراحم بين الأفراد والمؤدي بطبيعته إلى العدل الاجتماعي والشريعة الإسلامية تتجه في جميع أحكامها إلى تحقيق هذا التفاعل الإيجابي على مستوى الفرد والجماعة أما على مستوى الفرد فأينما وجد الفرد الصالح وجد الخير والنور واماعلى مستوى الجماعة فلأنها مكونة من مجموعة أفراد يحكم عليهابالنجاح أو الفشل من خلال هوية أفرادها وثقافتهم وتربيتهم فإذاصلحوا كانت الجماعة كلها صالحة لذافان أهم ما ينبغي تحقيقه في بناء الحضارات هو بناء الفرد الصالح اولا ورسم الخطوط العريضة لأولوياته وأهدافه وآماله وتأهيله لحمل المسؤولية بتفاعل إيجابي وتفانٍ وإخلاص بعيداً عن النزعة الأنانية وحبِّ الذات وهذا يتطلب جهداً في التهيئة والإعداد
وهكذايتبين ان أبرز توجيهات الإسلام للمجتمع المسلم الوعي بالاعتناء بالآخرين واستشعار المسؤولية الاجتماعية وتقديم المصالح الجماعية على الفردية فيتحمل الضرر الخاص لدفع العام والمصلحة العامة تقدم على الخاصة فالمسارعة لقضاء حوائج الناس تؤكّد هذا الوعي النابع من أسس الأخوة والمودة والرحمة وإن ذلك من الأخلاق التي دعا اليها الإسلام وبناءعلى ذلك نخلص أن المسؤولية الاجتماعية في الإسلام قد تبوأت مقاماً مهماً في قمة هرم الأولويات في بنيان المجتمع وتحمل كامل للمسؤولية في أيّ موقع للمسلم
وانطلاقامن دورنافي نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتعزيز تطبيقهافي الوطن سنلقي الضوءعليهالنشر الوعي للمجتمع لذافهدفنا من طرح هذاالموضوع هو النهوض بواقع المسؤولية الاجتماعية في مجتمعناالعربي والاسلامي وطرح الوسائل والسبل التي من شأنهااعادة مفهومهاالى الواقع التطبيقي والحقيقة ان المسؤولية الاجتماعية مفهوم متعدد المجالات فعند تناول مفهوم المسؤولية لغة تتضح انهاالاعمال التي يكون الانسان مطالبا بهااما تناولها اصطلاحا فهي تحمل تبعات الاخلال بأداء الفرد للحقوق وايفاؤه بالالتزامات الشرعية او القانونية وعند القول بالمسؤولية الاجتماعية اي مسؤولية الانسان امام خالقه اولا تنعكس عليه امام المجتمع ثانياحيث يكون الانسان مسؤول عن تصرفاته وملزم بكل ماينتج عنها والتزامه بقوانين المجتمع وعاداته وتقاليده واستناداالى ماسبق فان مفهوم المسؤولية الاجتماعية اعمق واشمل من كونه القيام بأعمال تطوعية اومساعدة الاخرين اوالتبرع بالمال بل هومنهج اوسلوك ينتهجه الفرد اوالمنظمة في سبيل القيام بواجباته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي ينتمي اليه بكل مكوناته فهو ببساطة ممارسة المواطنة الحقة فمتى شعر الفرد اوالمنظمة بهذاالامر فانه سوف يقوم بواجبه البيئي والاجتماعي والاقتصادي وهذه هي المحاور الثلاثة الرئيسية التي يقوم عليهاهذا المفهوم فالمسؤولية الاجتماعية اذن ماهي الا واجب والتزام من قبل الفرد اوالمؤسسات تجاه المجتمع بكافة اطيافه فهي مفهوم اكثر شمولية واوسع معنى حيث ترتكز فيه هذه المسؤولية على السلوك الاخلاقي واحترام القوانين والادوارالحكومية وحيث ان هذاالمفهوم يعد من المفاهيم الحديثة نسبياولم تكن متداولة اومعروفة في مجتمعناويعد تخصصاحديثا وبالتالي فلم تطاله التشريعات والقوانين بالتنظيم ومن هنافان الحاجة ماسة الى ان تسن قوانين وتشريعات تلزم بالمشاركة بهذه المسؤولية ودعمهاوعلى الاخص نظام الشركات والعمل والمجتمع المدني وكافة الانظمة الاجتماعية بحيث يتحول من مبادرات اختيارية الى عمل مؤسسي له مصادر تمويل واوجه صرف وتحكمه معايير جودة عالية تقوم على الاحترام والمسؤولية ورفع مستوى بيئات العمل الداخلية والخارجية والتطوع ودعم المجتمع ومساندته ومن هنا فان اللجان المختصة بمجلس النواب يقع ايضاعلى عاتقهااقتراح مشاريع الانظمة المتعلقة بهذه المسؤولية وتأسيسهاوتطوير مفهومهاومستوى الوعي بها
من هذه القراءات نستدل على ان للمسؤولية الاجتماعية مجال خصب للإسهام في العمل الخيري التطوعي والنفع العام فالخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله والمسلم يستشعر هذه المعاني ويحس بمسؤوليته نحو أبناء امته حين يندمج بهم ويلامس قضاياهم ويشاركهم همومهم عندهايدرك عظم الأمر وواجب المسؤولية تجاههم ولعل البحث عن سبل لإعانة منكوبي زلزال تركياوسورياابلغ الاثر في ذلك تضامنامع احداث اليوم اذ ان من مقاصد الابتلاء ان نتعاون مع المنكوبين ونتكاتف معهم ونمدهم بالمساعدة المادية والمعنوية"فالمسلم اخوالمسلم لايظلمه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماستره الله"الشيخان وعليه فأي عمل اجتماعي صادر عن فرد أوجماعة هو في حقيقة الأمرينبثق عن مسؤولية اجتماعية هدفهاتنمية واستقرار المجتمع والمساهمة في بناءه وتمتين دعائمه وتثبيت أركانه وتتنوع الأعمال الاجتماعية تبعاً لتنوع حاجات المجتمع فالإنفاق من زكاة وصدقات وتطوع وإغاثة الملهوفين وسدّحاجة المعوزين واعانة المنكوبين تنم عن عملية التعاون والتضامن والتكافل والرعاية الاجتماعية


(ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتعزيز تطبيقها الشريعة القانون)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع