مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


(مباحث من زكاة الفطر في رمضان)

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


01/05/2022 القراءات: 1282  


لا شك ان لأهمية فضل زكاة الفطر وعظم شأنها فقد ورد على خاطري تجميع هذه الاسطر وبحثها ولما كان قدر هذه العبادة عظيما كان لابدّ من معرفة بعض احكامها لذلك جاءت هذه الرسالة تتضمن قراءاتنا في فضلها وأحكامها عسى الله أن ينفعنا بها والمسلمين وان يكون هذا العمل خالصا لله وفي ميزان حسناتنا وان يكون لنا صدقة جارية إلى يوم القيامة
اقول وبالله التوفيق ان الزكاة من معانيها النماء والزيادة والصلاح اما الفطر فهو اسم مصدر من قولك افطر الصائم افطارا وانما اضيفت الزكاة الى الفطر لأنه سبب وجوبها وورد في بعض الفاظ البخاري زكاة الفطر من رمضان قال ابن قتيبة المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس لأنها من الفطرة التي اصل الخلقة وتعريفها عند الفقهاء عبارة عن صدقة تجب بالفطر من رمضان بمقدار معين وشروط معينة عن كل مكلف ومن تلزمه نفقته
فهي حق واجب ومال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص لأنها تجب بالفطر من رمضان لا في وقت اخر ولذا فليس لها نصاب ولا يشترط لها مرور الحول لأنها صدقة تجب بعد فطر اخر يوم من رمضان تجب على كل مسلم كبيرا او صغيرا ذكرا ام انثى حرا او عبدا يملك مقدار صاع من طعام يزيد عن قوته وقوت اولاده يوم العيد وليلته وتجب على نفسه وعمن يلزمه نفقته كزوجه وابناءه وخدمه اذا كانوا مسلمين وذهب ابن حزم الى وجوب اخراجها عن الجنين في بطن امه اذا اتم مائة وعشرون يوما وجمهور الفقهاء على عدم وجوب ذلك ورجح الشيخ القرضاوي ان ذلك مستحب لا واجب وتصرف الى الاصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال وهذا هو قول الجمهور لقوله تعالى(انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)التوبة/60
ولمشروعيتها حكم كثيرة منها:الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد وادخال السرور على ضيق اليد ليشارك بقية الناس في فرحهم بقدوم العيد فهي طهارة لصوم من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث لما روى عن ابن عباس انه قال"فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من اداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن اداها بعدة الصلاة فهي صدقة من الصدقات"اخرجه ابو داود وابن ماجة
وعن حكمها التكليفي هناك رأيين:الاول-هي فرض وهو قول الشافعية والمالكية والحنابلة
والثاني-هي واجبة وهو قول الاحناف وسواء اذا قلنا هي مفروضة او واجبة فمن تركها يأثم واستدل من قال بوجوبها او فرضها بما رواه الشيخان عن ابن عمر انه قال"فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر او صاعا من شعير على العبد والحر الذكر والانثى والصغير والكبير من المسلمين امر بها ان تؤدى قبل خروج الناس الى الصلاة"اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له فهي واجبة على كل مسلم سواء كان صائما ام لم يصم كما لو كان مسافرا ولم يصم فان صدقة الفطر تلزمه ووقت وجوبها هو غروب شمس ليلة العيد ويمكن إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ومن أداها بعد صلاة العيد فهي من الصدقات والاصل ان زكاة الفطر تخرج مما يقتات الناس ولكن هل يجوز اخراجها من غير اقوات اهل البلد وكذلك اذا كانوا يقتاتون اجناسا مختلفة فمن اي الاجناس تخرج كل ذلك حصل فيه خلاف بين الفقهاء؟اولا- قال المالكية وهو الراجح عند الشافعية الواجب في صدقة الفطر خراجها من غالب قوت البلد المخرج ولا يجوز ان يعدل الى قوت غير بلده الا اذا كان الذي عدل اليه افضل من قوت بلده واذا كانوا يقتاتون اجناسا مختلفة من الطعام ليست بعضها بأغلب من بعض فله ان يخرج زكاة الفطر من ايها شاء والافضل احسنها لقوله تعالى(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)آل عمران/91 ثانيا-وقال الحنفية والحنابلة وبعض الشافعية المزكي مخير بين الاقوات التي تصح زكاة الفطر فله ان يخرجها من قوت بلده وفي بلده يتخير الاصناف فيزكي منها ما يشاء ودليلهم ظاهر حديث ابي سعيد الخدري قال"كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام او صاعا من شعير او صاعا من تمر او صاعا من اقط او صاعا من زبيب"اخرجه الشيخان ومالك وواضح ان اهل المدينة لم يكونوا يقتاتون كل ذلك فدل على انه مخير في الجميع وقد حصل خلاف ايضا في تقدير زكاة الفطر بين الفقهاء على رأيين:
الاول-قال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة هي صاع من كل الاصناف التي يخرج منها زكاة الفطر سواء كان برا او شعيرا او دقيقا او زبيبا لما جاء في حديث ابو سعيد الخدري المذكور انفا
الثاني-قال ابو حنيفة هي نصف صاع من الحنطة وسويقه او صاع من شعير وتمر لما روى عبدالله بن ثعلبة عن النبي انه قال"ادوا صاعا من بر او قمح بين اثنين او صاعا من تمر او شعير عن كل حر او عبد او صغير او كبير"اخرجه ابو داود واحمد في مسنده بينما لا خلاف بين الفقهاء ان من ادى زكاة الفطر من الاقوات المنصوص عليها او من غالب قوت بلده يعد ذلك جائزا ومسقطا لفرض الزكاة واختلفوا في دفع قيمة المادة المراد تزكيتها زكاة الفطر على مذاهب ثلاثة هي:
الاول- يجوز دفع القيمة مطلقا ويكون المكلف بالخيار في دفع عين المادة الواجبة او قيمتها وهو مذهب الحنفية واليه ذهب سفيان الثوري والحسن البصري وروي عن عمر بن عبد العزيز
الثاني–لا يجوز دفع القيمة مطلقا والواجب على المكلف دفع عين المادة المراد تزكيتها وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية
الثالث- يجوز دفع القيمة في حالة الضرورة والحرج اما في حالة السعة فالواجب اخراج العين وهي الحنطة من الحنطة والشعير من الشعير وهكذا بقية الاصناف وهو قول ابي ثور البغدادي واسحاق بن راهويه والله تعالى أعلى واعلم وأسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير وان يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يختم لنا شهر رمضان بالقبول والغفران والعتق من النيران فلله الحمد والمنة في الأول والأخر والحمدلله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات


( مباحث زكاة الفطر رمضان المبارك )


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع