مدونة الدكتور هلال السفياني التربوية


العلم والمعرفة في كتب مناهج البحث العلمي

د. هلال محمد علي السفياني | Dr: Helal Mohammed Ail Alsofeany


30/06/2020 القراءات: 23521  


العلم والمعرفة:
العلم لغة مصدر لكلمة عَلِم، وعلم الشيء عرفه، علم الشيء علمًا عرفه، ورجل علامة أي عالم جدًا، وقد تعددت مفاهيمه واختلفت، ويعود هذا إلى اختلاف وجهات النظر لموضوع العلم وطبيعته، فمن المفكرين من يرى أن كلمة علم بمعنى (Science)، يقصد بها مجال كليات العلوم، فيما يميل البعض الآخر إلى توسيع مدلوله، بحيث يضم مجال كليات العلوم والبحوث الجادة الموضوعية في التاريخ والآداب والفنون، وآخرون يحددون العلم من خلال منهاجه الذي يرتكز على دعائم أساسية كفرض الفروض (Hypotheses)، والملاحظة (Observation)، وإجراء التجارب (Experiments) ما أمكن، ثم مرحلة قبول الفرض وصياغته في نظرية، أو ربما رفضه، والمنطلق في كل ذلك استقراء (Induction) واستنتاج (Deduction)، (دويدري، 2000، 21).
ومن تعريفات العلم أنه: عملية أو منهج لتوليد جسم المعرفة، وعليه فالعلم يمثل منطق الاستقصاء، والذي يستخدم لحل المشكلات التي تواجه الفرد. كما يعرف العلم بأنه مجموعة من المعارف والنظريات التي تبين الكيفية التي يعمل بها الكون وكل ما فيه، حيث يقدم فهما أعمق للعلاقات الرابطة بين حقائقه، ويعمل على تنظيم هذه الحقائق وفق أنساق تتطور باستمرار؛ نتيجة التجريب والملاحظة والاستبصار في محاولة لتفسير الكون (عباس وآخرون، 2014، 33).
وبالنظر إلى مفاهيم العلم المتعددة وتحليلها، نجد أن هناك نظرتين في تناول العلماء لمفهوم العلم، وكلتاهما نظرتان متطرفتان، وهذا ما أشار إليه عودة وملكاوي (1992، 4-5) بقوله: أن النظرة الأولى للعلم تركز على أشكال المعرفة العلمية، وهي بلا شك جانب مهم من العلم، بينما تركز النظرة الثانية على الطريقة التي يسلكها العلماء في التوصل إلى المعرفة العلمية، وعلى نمو هذه المعرفة وتطورها، وهي أيضا جانب مهم آخر من العلم. ويصعب على المرء أن يتبنى إحدى النظرتين؛ فالمعرفة العلمية المتوافرة للإنسان المعاصر تتصف بأنها حصيلة جهود متواصلة تحققت عبر القرون السابقة، وساهمت في بنائها شعوب وحضارات كثيرة، ومن أبرز خصائص المعرفة العلمية ما يسمى بخاصية التصحيح الذاتي، وهي ترتبط بتطبيق خطوات معينة، كالمشاهدة والتجريب واختبار الفرضيات وصياغة النظريات واستخدامها في التنبؤ والاستنتاج، ومن ثم توسيع حقل النظرية بتكرار هذه الخطوات من جديد وبصورة دورية، مما يقتضي أن تصحح المعرفة الناتجة نفسها باستمرار، كما أن المعرفة العلمية ليست نهائية أو مطلقة، وإنما تخضع للتعديل والتغيير، وتعتبر في أي وقت أفضل ما يفسر لنا مجموعة المشاهدات والحقائق التي أمكن جمعها، ومما سبق يمكن القول بأن العلم جهد إنساني عقلي منظم، وفق منهج محدد في البحث، يشتمل على خطوات وطرائق محددة، ويؤدي إلى معرفة عن الكون والنفس والمجتمع يمكن توظيفها في تطوير أنماط الحياة وحل مشكلاتها.
المعرفة: هي مجموعة من المفاهيم والاتجاهات والمعتقدات والآراء والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الفرد نتيجة لخبراته في فهم الأشياء والظواهر، والمعرفة أعم وأشمل من العلم، وتتكون من (غباري وآخرون، 2015، 17):
1- معرفة علمية: مثل الدراسات والبحوث، وهي خلاصة التفكير العلمي، وهي مجموعة من المعلومات يتوصل إليها العلماء والباحثون عن طريق البحث والاستقصاء.
والمعرفة العلمية: هي فرع من نظرية علم المعرفة التي تعنى بدراسة المعرفة، وكيفية امتلاكها وارتباطها بموضوع معين، والمعرفة العلمية هي فهم وإدراك وكشف لسلوك ظاهرة معينة باستخدام منهج يقوم على أساس صياغة الفروض الملائمة والتحقق منها عن طريق التجريب (تجميع البيانات وتحليلها)، وتتميز المعرفة العلمية بأنها معرفة متنامية باستمرار ولا تكتفي بما تم تحصيله؛ لأن هدفها هو التراكم المعرفي لمعرفة الواقع ولا يتم هذا التراكم إلا عن طريق البحث العلمي (بختي، 2015، 3).
2- معرفة غير علمية: مثل التصورات والمعتقدات.
أي أن المعارف التي لم يتم التوصل إليها بالطرق العلمية، ولم يثبت صحتها، من خطأها، ومنها الخرافات، والعادات، وغيرها.
الفرق بين العلم والمعرفة:
يتضح مما سبق أن المعرفة أشمل من العلم، فهي تضم معارف علمية تم التوصل إليها بالطرق العلمية، كما تضم معارف غير علمية، وبالتالي فالعلم جزء من المعرفة، ويمكن القول أن كل علم هو معرفة، وليس كل معرفة هي علم.
مصادر الحصول على المعرفة:
يمكن القول أن مصادر معرفة الفرد كثيرة، فالكون وما يحيط بالفرد من موجودات كلها تمثل مصادر للمعرفة، وقد يحصل على المعرفة بطرق مباشرة من خلال حواسه الخمس، أو بطرق غير مباشرة من خلال إعمال العقل والتفكر فيما رصدته حواسه من خبرات ومشاهدات، وما ألهمه حدسه من أفكار ومعارف، كما يمثل الوحي مصدرا من مصادر المعرفة، والوحي يُعد من المصادر اليقينية.


العلم، المعرفة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع