مدونة د . محمد ابراهيم حسن عثمان


( نظرات تدبرية ودروس تربوية ، في سورة الحجر )

د . محمد ابراهيم حسن عثمان | Dr.Mohamed Ibrahim Hassan Othman


26/11/2020 القراءات: 4907  


في هذه السورة يسلي اللهُ رسولَه صلى اهلت عليه وسلم ويواسيه ; ويوجهه إلى :ـــ الإصرار على الحق الذي معه، والصدع به بقوة في مواجهة الشرك وأهله ( واصدع بما تؤمر )
ــ والصبر على بطء الاستجابة ....ووحشة العزلة ...وطول الطريق !
يقول سيد قطب : ونحن نؤكد على هذه السمة في هذا القرآن . . سمة الواقعية الحركية لأنها في نظرنا مفتاح التعامل مع هذا الكتاب وفهمه وفقهه وإدراك مراميه وأهدافه . .
إنه لا بد من استصحاب الأحوال والملابسات والظروف الواقعية العملية التي صاحبت نزول النص القرآني ،
ثم يقول :ونحن على يقين أنه لن يرى هذه الرؤية اليوم إلا الذين يتحركون فعلا بهذا الدين في مواجهة قوة الظلم ويجدون نفس المصير الذي وجده الصحابة من التعذيب والحبس والنفي
الذين يتحركون للدين هم وحدهم الذين يملكون استنباط فقه الحركة الذي لا يغني عنه فقه الأوراق.
....الفقه المطلوب استنباطه في هذه الفترة الحاضرة هو الفقه اللازم لحركة ناشئة تهدف إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور ; ومن الدينونة للعباد إلى الدينونة لرب العباد ; كما كانت الحركة الأولى
الهدف العام للسورة
هذه سورة الحفظ والعناية الربانية
حفظ دين الله ، وحفظ كتابه
هذا الدين محفوظ ،
محفوظ من قام به
محفوظ من دعا إليه
محفوظ من تمسك به
الحفظ لكل شيء : حفظ القرآن ، حفظ السماوات ، حفظ الأرض والأرزاق ، حفظ أهل الجنة ، حفظ عباد الله الصالحين
اذن الله حافظ دينه وناصره ، فلا تتأثر بما يحدث حولك واستمر في الدعوة الى الله
واسم السورة يدل على الحفظ ايضا ، أصحاب الحجر قوم ثمود ظنوا أنهم محفوظون من عذاب الله بالجبال كان يسكنون الجبال ليحتموا بها من الصواعق والزلازل ووالرياح (وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ)
فلا حافظ الا الله (فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)
هذا أمر يصب في صلب العقيدة : لا حافظ الا الله وحده
دروس تربوية
ـــ نتعلم من اسم الله الحفيظ أنواع الحفظ في السورة :
1_حفظ القرآن ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
2 _حفظ السماوات من كل شيطان رجيم وجعلها متعة للناظرين
( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم )
3 ــ حفظ الأرزاق
( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم )
4_ في قصة آدم وابليس ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )
5 ــ مكانة النبي عند ربه :هذا الموضع الوحيد الذي أقسم الله بحياة محمد صلى الله عليه وسلم
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ روى ابن كثير عن ابن عباس :ما خلق الله وما ذرأ نفسا أكرمَ عليه من محمد، وما سمعت الله اقسم بحياة أحد غير محمد
ـــ هذه السورة سورة طمأنة للمؤمنين
ــــ من أهم نعم الله في الجنة على المؤمنين ( الأمن والسلام : ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46)
كيف ينالوه ؟؟ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين
من أعظم الدروس التربوية ( من سورتي الحجر )
إن أمتنا تختلف عن غيرها ، فالأمم غير المسلمة تحتاج إلى أسباب مادية فقط
أما الامة المسلمة تحتاج إلى أسباب مادية وأسباب معنوية لأنها مكلفة
و على رأس هذه الأسباب هو التمسك بالقرآن العظيم
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )
و قوله تعالى ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى الرعد:31]. وجواب الشرط محذوف وتقديره: لكان هذا القرآن...
وقوله :أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
نعم يكفي . نعم يكفي..
إذن كيف نبدأ ؟؟؟
علينا فهمُ واستيعاب وتدبر القوانين القرآنية والمقاصد الشرعية والسنن الربانية في القرآن العظيم.
القرآن له أسرار : (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)الواقعة
من المعاني المقصودة من الآيات : "لا يمسه" أي لا تصل علومه وأنواره وبركاته وأسراره إلا للمطهرين أي إلا لمن طهر قلبه وجوارحه من الذنوب والمعاصي والآثام ،
فبين السطورْ ، يأتيك النورْ ، إذا كنتَ ذا قلبٍ طهورْ
وصدق القائل :
سنُملُكُ أمر دنيانا ....إذا القرآن أحيانا
ونور فى مفاوزنا .....وحكم فى قضايانا
كتاب الله أرشدنا..... إلى إصلاح مثوانا
واجب عملي :
1ــ استمر في الدعوة الى الله ولا تخف على هذا الدين، هذا الدين محفوظ ،
محفوظ من قام به .. محفوظ من دعا إليه ...محفوظ من تمسك به
بلغوا عني ولو آية ( ليكن لك مهمة دعوية مستمرة)
2ــ أسرع إلى نهاية سورة الحجر عند الضيق والهم أسرع الى الصلاة والتسبيح


الحجر ـ القرآن ـ الحفظ ـ تربوية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع