مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو


الحج مؤتمر السلم العالمي (4)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


13/07/2024 القراءات: 190  


ثالثاً: البُعْدُ التوحيدي:
إن البعد التوحيدي هو البعد الأرسخ في الحج، إذ الحج كتلة متماسكة من المناسك والشعائر، التي تكرس عقيدة التوحيد في شخصية المسلم؛ فالطواف والسعي، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وغير ذلك من واجبات الحج وشعائره، ذات مفهوم توحيدي خالص، الغرض منها تركيز الحس التوحيدي عند الإنسان المسلم، إذ هي التي تزرع السلم حقيقة في داخل الإنسان، وتشيعه نهجاً في حياته الاجتماعية، لذلك كان السلام اسماً من أسماء الله الحسنى، واسماً من أسماء الجنة، وشعاراً للمؤمنين في دار الدنيا ودار الآخرة، كما أنه الشعار الذي يهتف به المسلم من أعماقه في كل يوم خمس مرات في خاتمة صلواته الخمس، حيث يسلم أولاً على النبي قائلاً: (السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبرَكاتُهُ) ليؤكد استمراره في الإيمان بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، ويسلم ثانياً على نفسه، وعلى المؤمنين، فيقول: (السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصَّالحينَ)، فالسلام الاجتماعي يبدأ من السلام الداخلي للإنسان، ثم يؤكد السلام العام مرة ثالثة فيقول: (السَّلامُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ).
وإن أوَّل ما يبدأ به المسلم من أعمال حجِّه، عندما يحرم هو الإهلال بالتوحيد، معلنًا من خلال كلمات التلبية العظيمة توحيده لله وحدَه، ويؤكد اللهِ تعالى في عدد من الآيات على ذكر الله تعالى وحده لا غير، ليحقق التوحيد الخالص، قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203]، وقال سبحانه وتعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].
وهكذا فإن الحرم المكي يمثل الرمز المشترك لكل من التوحيد والأمن.


الحج، مؤتمر السلم، السلام، الصفا والمروة، طواف


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع