المقدمة:
الإنسان ثروة لا تقدر بثمن، والمجتمعات التي تطورت اهتمت بمستقبل أجيالها، وأشبعت حاجاتها الأساسية، وعملت على تدريبهم وصقل شخصياتهم منذ الصغر.
فالإنسان خير بطبيعته، يحمل كل بذور الخير، وهو كائن اجتماعي، يكتسب السلوك من الأسرة والآخرين المحيطين به، وقد يكون ايجابيا او سلبيا، ويختار مهنة له، ويتقبل التغيير الاجتماعي المستمر، وقد يكون سعيد أو تعيس بناءا على ما يحمله من أفكار، حيث ان لدى الإنسان نوعين من الأفكار، أفكار عقلانية، وأفكار غير عقلانية. يتعلمها الطفل ويكتسبها من الوالدين، والزملاء والمدرسين والآخرين ممن له علاقة بالطفل.. وتكبر معه حتى ترسم شخصيته وتصبح سبب تعاسته مستقبلاً.
تعد الأفكار غير العقلانية.(1) من أهم العوامل الأساسية في أحداث معظم الاضطرابات النفسية لدى بعض الأفراد. والتي تؤدي بهم إلى الشعور بالقلق والاكتئاب والحزن والانطواء، وتجعلهم غير سعداء وقد يصبح سلوكهم مرضياً وغير عقلاني.
وقد شعر المؤلف بتلك الظاهرة أثناء ممارسته لمهنة التدريس، مما دفع به إلى إجراء دراسة عنها والمساهمة في حلها من خلال إيجاد برنامج إرشادي نفسي عقلاني سلوكي لتعديل الأفكار غير العقلانية لدى بعض الأفراد.
وانطلاقا من أهمية هذه الدراسة، نأمل ان تتحقق الفائدة المرجوة منها لدى المتخصصين، والعاملين في الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي، والمربين والمدرسين والمعلمين والآباء من اجل الكشف المبكر عن تلك الأفكار غير العقلانية وتبديلها بأفكار عقلانية تبعد عن أطفالنا ما يشوب صفو حياتهم ويصبحون أداة لهدم مجتمعاتهم بدل بنائها.
لقد جاء هذا الكتاب في مجمله من خمسة فصول.. يتناول الفصل الأول: مشكلة الدراسة وإحساس المؤلف بوجودها وانتشارها بين أفراد العينة. وأهمية الدراسة للفرد والمجتمع، وأهداف الدراسة والمتمثلة، بناء برنامج إرشادي في تعديل الأفكار غير العقلانية لدى طلاب المرحلة الثانوية، ومعرفة أثره في تعديل الأفكار غير العقلانية. ومعرفة حدودها، وتعريف المصطلحات الواردة في العنوان.
أما الفصل الثاني: فيتناول الإطار النظري وأقوال المنظرين وآراءهم في التفكير، والأفكار الغير عقلانية، وأهمها نظرية (أليس Ellis) في الأفكار غير العقلانية، والإرشاد في المنظور الإسلامي، والإرشاد والعلاج المعرفي والسلوكي، والإرشاد والعلاج العقلاني الانفعالي، وبعض الدراسات السابقة التي بحثت في الأفكار غير العقلانية، والدراسات التي تناولت البرامج الإرشادية التي عالجت تلك الأفكار.
ويتضمن الفصل الثالث: مجتمع البحث وعينته، وأدوات البحث المتمثلة، بـ (مقياس الأفكار غير العقلانية)، والمراحل التي مر بها من صدق، وثبات، وقدرة تمييزية، والتصميم التجريبي، وتكافؤ المجموعتين التجريبية والضابطة.
ويتضمن الفصل الرابع: البرنامج الإرشادي النفسي العقلاني الانفعالي، وبعض النماذج التنظيمية المخططة لبناء برامج الإرشاد والتوجيه، وتطبيق البرنامج، والوسائل الإحصائية.
ويتضمن الفصل الخامس: عرض النتائج، ومناقشتها وفق الأهداف والفرضيات، والاستنتاجات، والتوصيات والمقترحات. ومن ثم المصادر. والملاحق.
هذه الفصول مجتمعة تعطي فكرة متكاملة عن للقارئ عن الأفكار غير العقلانية وتأثيرها وأعراضها وتشخيصها وكيفية تعديلها، ودحضها وإبدالها بأفكار عقلانية تجلب لنا السعادة والهناء وتبعدنا من القلق والاضطرابات النفسية، نأمل الإفادة من هذا الكتاب. (ومن الله التوفيق).
المؤلف.
أ. د. هادي صالح رمضان النعيمي | dr.Hadi Salh Ramadan Alnuaimy | 5194